+ A
A -


قال تعالى: «واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئاً وبالوالدين إحساناً»، سورة النساء الآية 36، وقال تعالى: «أن أشكر لي ولوالديك إليّ المصير»، سورة لقمان الآية 14، وقال تعالى في سورة الإسراء الآية 23: «وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحساناً»، وقال تعالى: «فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولاً كريماً، واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيراً».. وكلمة أف تفيد التضجر والتأفف من الوالدين، ولو علم الله شيئاً في العقوق أدنى من كلمة أف لحرمه، فليعمل العاق ما شاء أن يعمل فلن يدخل الجنة، كما جاء في ميراثنا العظيم، القرآن والسنة المطهرة، ولو وصل إلى أعلى المناصب والمراتب وحصل على أعلى الشهادات والأوسمة والنياشين والمسميات، هناك نفر يتمرغون في رياض الجنة بالتقرب إلى الوالدين وكسب ودهما ورضاهما ليحصلوا على صك البراءة من النار، وهناك نفر يتمرغ في خير والده من أجل أن يحصل على أكبر قدر من المكاسب الآنية، وتحقيق مصلحة.. يتمرغون في حضنه وينتفون لحيته وهم يعلمون أن ريح الجنة لا يجدها عاق.. يقول أحد الصالحين: إذا عقك أحدهم أو إحداهن فلا تبتئس ويضيق صدرك، بل راقب من بعيد وسترى القدر؛ فالقدر يبدع دائماً في تصفية الحسابات مع العاق والديه والظالم في الدنيا قبل الآخرة.
طالعتنا الأخبار من قريب عن شاب عشريني يطعن والدته الخمسينية بسكين حتى فارقت الحياة!!
وذكر الخبر أن الجاني يعاني اعتلالات نفسية.. يا كثرهم في واقعنا من يعاني الاعتلالات النفسية.. هناك من يعتبرون أنفسهم فلاسفة هذا القرن، وهناك الذين يفهمون وغيرهم وكل من حولهم لا يفهم، وهناك من يريد أن يصل إلى أعلى المراتب والمناصب بين ليلة وضحاها، وهناك المزاجي الأناني الوصولي الدساس والمغرض والأفاك الخارج عن حدود العقل والمنطق.. كل هؤلاء يعانون الاعتلالات النفسية والمخاوف الصعبة.. هناك أصحاب الحماقات والجهالات والتوهمات والخيالات والهلوسات والهذاءات والاكتئابات والانتكاسات وغيرها كلهم يعانون!!
وجل أولادنا بين العقوق والجحود- إلا من رحم ربك- اعتلالات نفسية وذهنية ضحية اعتلالات الزمن الذي نعيشه!! الوالد الذي لا يرتجي الخير والمساعدة والعون من أولاده فهو بلا ولد ولا تلد ولا سند وهم عالة عليه! جل جيل هذه الأيام عقولهم عقول العصافير وأجسامهم في حجم البراميل ولا ترتجي منهم إلا المخاسير! جيل اليوم عنوانه عدم الاكتراث إلا لمصلحته ومنفعته ومزاجه! هناك فجوات وهفوات ومسلكيات غير سوية وخلافات بين أفراد الأسرة الواحدة.. المصلحة هي التي تصنع شخصية أولادنا.. والشارع وشبكات التواصل الاجتماعي هي التي تصيغ شخصياتهم للأسف.. كيفما اتفق.. هم وحظهم!
لا تسمحوا للشارع والفضائيات والشبكات يربون أولادكم، ستكون الآثار خطيرة جداً، وستكون علاقتكم الوالدية معهم لا شعور فيها ولا حياة، اعتبروا يا أولي الأبصار.
وعلى الخير والمحبة نلتقي.
بقلم : يعقوب العبيدلي
copy short url   نسخ
05/09/2016
739