+ A
A -
جاء في الأثر ثلاثة في ظل العرش عائد المريض، ومشيع الموتى أو معزي أخيه المسلم، وطائع والديه إن ظاهرة إقامة مجالس العزاء أو خيام العزاء على رحيل الأحباب ظاهرة طبيعية منتشرة ومتعارف عليها كونها تنبع من العاطفة والمحبة المغروستين في قلوب الطيبين الأخيار، هي ظاهرة محمودة تحكي نوعاً من الارتباط الوجداني بين الأفراد وجذورها تعود إلى حالة من الصفاء في قلوبهم وإلى إحساسهم الطاهر الطيب اتجاه بعضهم البعض، مجالس العزاء ظاهرة قديمة فقد أقام المسلمون مجالس العزاء في كل الأقطار والأمصار وأنشدوا فيها المراثي والأشعار، مجالس العزاء تعتبر مدارس عامة مستمرة على امتداد الزمن وهي مصدر إلهام لأصحاب الأقلام ومصدر خلاق للكثيرين، فضل مثل هذه المجالس مشهور وشرفها مذكور وبها تعظم الأمور وفيها من الحوارات تدور والأفكار تطرح والأنس والحكايات والسوالف تبعث السرور، مجالس نابضة بالحياة تنسيك الحزن والغم والكدر والبكاء على الفقيد أو الفقيدة ولو لحظياً ووقتياً، مجالس العزاء عامة يحضرها الكبير والصغير حافظت على رونقها وحيويتها واستمراريتها بفضل تآلف القلوب الخيرة وتعاضدها نشد عضدك بأخيك مجالس العزاء ظاهرة حسنة في أماكن عامة تبني العلاقات وتوجد الألفة والمحبة، مجالس العزاء مدارس مفتوحة بلا أسوار تعلم الإيثار والتضحية والتواصل بين أفراد المجتمع المسلم وتولد التواد والألفة والسلام والتسامح وتبقي المغفور له أو المغفور لها إن شاء الله حية مخلدة في الوجدان والذاكرة، مجالس العزاء لها هالة مضيئة وجاذبية كبيرة استطاعت أن تستقطب شرائح واسعة من الناس ينهلون من معينها الواسع الخيرية والقيم الفاضلة من اللقاء والارتقاء والمناقب الإنسانية ما توجب الأجر والثواب، إنها مجالس شكلية مضمونية المحتوى فيها الخير الكثير من منافع وفوائد ولقاءات وسلامات وحوارات وشكليات وشخصيات من مختلف المجالات والتخصصات، ومشاعر حية متوقدة في مواجهة الملمات والأحزان والوفيات، إنها تحقق الوحدة العاطفية في أروع صورها، في ظلال هذه المجالس ومن خلالها وبواسطتها وبركاتها نستلهم أهمية الحفاظ على المودة بيننا، فنحن في مجتمع واحد ولنا دين واحد وثقافة واحدة نعذر بعضنا بعضا في الهفوات ونجتمع في صف واحد في الأحزان والملمات ونواسي بعضنا البعض، مجالس العزاء ترفل بنسائم الصدق والإخلاص والإيثار الذي يفوح منها، وكل هذه المعاني جعلتها تحظى بالقبول والاستحسان وإبقاءها حية على امتداد العصور.. يقول الشاعر:
لا بد من فقد ومن فاقد
هيهات ما في الناس من خالد
لا حول ولا قوة إلا بالله.. إنا لله وإنا إليه راجعون.. ربنا ارحمنا وارحم المسلمين والمسلمات.. الأحياء منهم والأموات.. ورحم الله قارئاً قال آمين.
وعلى الخير والمحبة نلتقي

بقلم : يعقوب العبيدلي
copy short url   نسخ
02/09/2016
1144