+ A
A -
كتب عوض التوم

ألزمت وزارةُ التجارة والصناعة كافة المحلات التجارية بضرورة توفير إحدى خدمات الدفع الإلكترونية، مع عدم فرض أي رسوم إضافيَّة وهي: البطاقات البنكيَّة، والمحافظ البنكية، ورمز الاستجابة السريع. وذلك بحسب قرار وزير التجارة والصناعة رقم 70 لسنة 2022، بتعديل بعض أحكام قرار وزير الاقتصاد والتجارة رقم 161 لسنة 2017، بشأن الاشتراطات العامة والخاصة الواجب توافرُها في المحلات التجارية والصناعية العامة المُماثلة.

وأكد مراقبون لـ الوطن أن هذه الخطوة تأتي في إطار عملية التطوير المتسارعة لخدمات الدفع الإلكترونية والتي يشرف على تنفيذها مصرف قطر المركزي بهدف تقليل مستويات المعاملات النقدية «الكاش» وصولا إلى مجتمع بلا نقد، لافتين إلى أن جائحة كورونا زادت من مستويات الإقبال على الدفع الإلكتروني حيث تسابقت البنوك على طرح خدمات الدفع بالبطاقات اللاتلامسية، بينما طرح مصرف قطر المركزي نظام قطر للدفع عبر الجوال.

وقال السيد عامر الجابري الرئيس التنفيذي لشركة الجزيرة للتمويل إن هذه الخطوة تمثل خدمة وحماية للعملاء مع ضمان انتشار الخدمات المالية على كافة المستويات من خلال توسيع نطاق الشمول المالي، مبينا ان مصرف قطر المركزي يبذل جهودا حثيثة لتطوير المدفوعات الإلكترونية من خلال دعم استخدام البطاقات المصرفية والمحافظ الإلكترونية على الجوال والتركيز على تطوير التكنولوجيا المالية «الفينتك»، مشيرا إلى أهمية هذا القرار وخصوصا وأن قطر على أعتاب استقبال أكثر من مليون زائر مع انطلاق مونديال 2022 ويمثل توفير أنظمة الدفع الإلكترونية خطوة ممتازة تنعكس إيجابا على قطاع التجزئة وتساهم في تنويع خيارات الدفع أمام جماهير المونديال وزوار قطر حيث اشترط «المركزي» توفير وسيلة للدفع الإلكتروني وهي إما البطاقات الائتمانية أو المحافظ البنكية أو رمز الاستجابة السريع.

وأضاف أن تطوير أنظمة الدفع الإلكترونية في قطر يعزز الرقابة على حركة الأموال ويمنع أية احتمالات لتداول السيولة النقدية المشبوهة والمزيفة، كما يتيح التأكد من سلامة الدفع والتسويات، منوها إلى أن معظم دول العالم تطور من أدوات الدفع الإلكترونية بهدف التحول إلى مجتمعات غير نقدية تقلل من استخدام «الكاش».

وفي وقت سابق أطلق مصرف قطر المركزي مشروعاً لتطوير البنية التحتية لمدفوعات التجزئة في الدولة لمواكبة الطلب المتزايد. ويهدف المشروع إلى بناء بنية تحتية للدفع على مستوى عالمي مع أحدث التقنيات التي تسهل توفير نظام دفع آمن وفعال في دولة قطر، كما اتخذ «المركزي» مبادرة أخرى خاصة بالتكنولوجيا المالية والمجالات ذات الصلة، إدراكاً منه لدور مقدمي خدمات الدفع من شركات التكنولوجيا المالية وغير المصرفية في تنمية الاقتصاد القطري، فقد بدأ مصرف قطر المركزي بالعديد من الإجراءات لدعم نمو التكنولوجيا المالية مع معالجة المخاطر المتعلقة بها، وتشمل تلك المبادرات إعداد إطار تنظيمي للترخيص والإشراف على عمليات التقنيات المالية، وصندوق الحماية التنظيمي الذي يدعم التقنيات المالية، والمبتكرين الآخرين لإجراء تجارب حية في بيئة خاضعة للرقابة تحت إشراف مصرف قطر المركزي. كما تم إنشاء قسم خاص بالتكنولوجيا المالية في مصرف قطر المركزي يعمل كنافذة واحدة لجميع المتطلبات التنظيمية المتعلقة بالتكنولوجيا المالية.

قطاع التجزئة

ومن جانبه قال المهندس علي عبدالله بهزاد المحلل الاقتصادي إنّ قرار وزارة التجارة بشأن إلزام المحلات التجارية بتوفير إحدى خدمات الدفع الإلكتروني يهدف إلى تسهيل التعاملات المصرفية اليومية على الجمهور والمستفيدين، وتمكين المستهلك من الاستفادة من الخدمات الرقمية بالمحلات التحارية.

ولفت إلى أن قطاع التجزئة في قطر سواء على مستوى المراكز التجارية أو حتى المحلات سيحقق طفرة كبرى في عوائده، مع مونديال 2022 نتيجة حركة الزوار التي ستفوق المليون زائر وبالتالي فإن إلزام المحلات بتوفير إحدى خدمات الدفع الإلكترونية، مع عدم فرض أي رسوم إضافيَّة سينعكس إيجابا على مبيعات التجزئة وسيسهل على زوار المونديال عمليات الشراء وخصوصا ان قطاعا واسعا من الجماهير لا يتعامل بـ«الكاش» وانما يفضل التعاملات المالية الإلكترونية.

ونوه بهزاد إلى أن مصرف قطر المركزي يتبنى استراتيجية تتحوط من الانكشاف على مخاطر الدفع النقدي وهي: تزييف الأموال وصعوبة التدقيق من قبل المواطنين والسطو على النقود والسحب من البنوك ونقل الأموال إلى البنوك، كما يسعى «المركزي» إلى تعزيز رقابته على المعاملات المالية لمنع أي تعاملات مشبوهة، ولعل أبرز دليل على ذلك ما أعلنه مصرف قطر المركزي في نهاية يوليو 2022 بشأن حظر استخدام النقد في 5 معاملات متى جاوزت قيمتها 50 ألف ريال ويطبق قرار الحظر على المعاملات الخمس التالية: أولا: بيع وشراء وتأجير العقارات وإجراء أي تصرفات عليها، وثانيا: بيع وشراء وتأجير المركبات بكافة أنواعها وأرقامها المميزة. وثالثا: بيع وشراء وتأجير الوسائط البحرية، ورابعا: بيع وتأجير وشراء المعادن الثمينة أو الأحجار الكريمة والمجوهرات، وخامسا: بيع وشراء وتأجير الإبل والخيول والمواشي والصقور سواء كانت مفردة أو متعددة.

التحول الرقمي

وأشاد السيد خالد أبوجسوم رائد الأعمال والمتخصص في التكنولوجيا بقرار وزارة التجارة والصناعة بإلزام المحلات التجارية بتوفير إحدى خدمات الدفع الإلكتروني ووصفه بأنه قرار صائب جاء في توقيت ممتاز وينسجم مع استراتيجية التحول الرقمي التي تباشر دولة قطر تنفيذها حاليا ويواكب المتغيرات على الصعيد الإقليمي والعالمي في المعاملات المالية وتطبيق الدفع الإلكتروني والاستغناء عن المعاملات النقدية وهو الأمر الذي بات توجها عالميا ينبغي علينا مواكبته، لافتا إلى ان توسيع نطاق المعاملات المالية الإلكترونية يعزز من الشمول المالي ويساهم في زيادة القنوات التمويلية المحتملة للمشاريع الصغيرة والمتوسطة.

ولفت إلى أهمية تطبيق القرار قبل انطلاق فعاليات كأس العالم 2022 المقامة في قطر مع الأعداد الكبيرة المتوقع حضورها إلى الدوحة للاستمتاع بفعاليات المونديال والتجول في قطر لمشاهدة المعالم التاريخية والنهضة العمرانية الحديثة، منوها إلى أن المعاملات الإلكترونية المالية تزيد من منسوب الشفافية والوضوح في المعاملات والتدفقات المالية داخل الدولة وتخدم بالتالي وبشكل رئيسي الاقتصاد الوطني.

وأضاف أن قطر تقوم بتطوير قطاع التكنولوجيا المالية «الفينتك» بشكل سريع في ظل ارتفاع الطلب على الخدمات المالية الإلكترونية وهو الأمر الذي كشفته جائحة كورونا وأسفر عن إطلاق حاضنة ومسرعة قطر للتكنولوجيا المالية، فيما يقوم مصرف قطر المركزي بالاشراف على تنفيذ اختبارات بيئة الصندوق الرملي sandbox. وعن طريق حاضنة ومسرعة قطر للتكنولوجيا المالية يتم إحالة الشركات المؤهلة إلى مبادرة بيئة الصندوق الرملي sandbox التي يشرف عليها مصرف قطر المركزي لاختبار ابتكاراتهم بالتكنولوجيا المالية قبل طرحها.

ويعتبر الصندوق الرملي بيئة تنظيمية تجريبية للابتكارات بالتكنولوجيا المالية توفر مساحة آمنة لاختبار الخدمات والمنتجات قبل طرحها، الأمر الذي يقلص مستويات الانكشاف على أخطاء أو مخاطر التنفيذ وتسمح هذه البيئة للأفراد والشركات باختبار افكارهم وابتكاراتهم المتعلقة بالتكنولوجيا المالية من خلال البيئة التجريبية التنظيمية ومن ثم يتم تقييم المنتجات والخدمات المقترحة واختيار المناسب منها لاعتمادها وطرحها في السوق القطري رسميا، ومن المرجح أن تشمل قائمة الابتكارات في قطاع التكنولوجيا المالية حلولا للمدفوعات الرقمية وتطويرا لتكنولوجيا المحافظ الإلكترونية والتحويلات الدولية المباشرة، إلى جانب حلول وابتكارات لخدمات نقاط البيع وسداد الفواتير، علاوة على ابتكارات تكنولوجية في الخدمات التمويلية والصرافة مع تطوير منصات التمويل الجماعي للمشاريع وحلول إلكترونية مالية للمشاريع الصغيرة والمتوسطة، والمدفوعات القائمة على انترنت الأشياء.

يذكر أن مصرف قطر المركزي يخطط للتوسع في منح تراخيص خدمات الدفع الإلكتروني للشركات لتعمل تحت إشرافه، حيث أصدر مصرف قطر المركزي تراخيص لكل من: شركة سداد لحلول الدفع ترخيص بالاضافة إلى منح ترخيصين لشركتي «Ooredoo Mony أوريدُ موني» التابعة لشركة Ooredoo، وأي باي «iPay» التابعة لفودافون قطر؛ لممارسة نشاط تقديم خدمات الدفع الإلكتروني، وتتضمن الخدمات الجديدة إصدار المحافظ الإلكترونية من خلال نظام قطر للدفع عبر الهاتف الجوال واستخداماته (خدمة السداد للتجار وتحويل الأموال محلياً)، بالإضافة إلى تقديم خدمة التحويلات المالية الدولية من خلال المحفظة الإلكترونية.

ويدرس مصرف قطر المركزي حاليا إطلاق بنوك رقمية بالكامل وقد تكون هذه البنوك تابعة لشركات تعمل في قطاعات غير مصرفية تشمل: الاتصالات أو الاستثمار والتمويل أو حتى الخدمات اللوجستية لاستغلال فرص النمو الواعدة لقطاع التكنولوجيا المالية.

copy short url   نسخ
08/10/2022
290