+ A
A -
د. إبراهيم عرفات
كاتب مصريمنذ القدم وليس للسياسة شغل إلا بالدولة، في الســـبعيـــن سنة الأخيرة وحدها ظهرت مصطلحات عديدة تعبر إما عن نوع الدولة أو عن قدراتها الوظيفية، سمعنا عن دول العالم الأول والثــاني والثــالـث. الدولة الدينية والدولة المدنيـــة. الدولة الرأســمـــاليـــة والدولة الاشتراكية. الدولة الحارسة والدولة الحابسة، الدولـــة المســتقـلــة والدولة التابعـــة. الدول المتقدمة والنامية. الدولة الديمقراطية والدولة الشمولية، ثم انفجر منذ ثمانينيات القرن الماضي حديث واسع عن الدول المزعجة في العلاقات الدولية، فظهرت تعبيرات كثيرة مثل الدولة المارقة والرخوة والهشة والفاشلة، كما راجت أحاديث تحذر من انحدار بعض الدول إلى شبه دولة.
ومع أن شبه الدولة في علم السياسة هو الكيان الذي تنقصه واحدة من مقومات الدولة الخمسة وهي الأرض والشعب والحكومة والسيادة والاعتراف الدولي، إلا أن الاستعمال الشائع للمصطلح يشير إلى الحالات التي لم تعد تقوم الدولة فيها بأبسط واجباتها في حماية المواطنين وتوفير ما يلزمهم، ليُترك الفرد يعتمد على نفسه وليس على القانون والمؤسسات التي تموت في أشباه الدول، كردستان مثلاً تعتبر بالمعيار العلمي شبه دولة لأن واحداً من مقومات الدولة، وهو الاعتراف الدولي، تنقصها، لكن بمعيار القدرة على الأداء فإن بلداناً كسوريا وأفغانستان تعتبر أشباه دول برغم أنها تمتلك المقومات الخمسة للدولة.
وأكاد أرى، وللأسف الشديد، ظهور ما يمكن تسميته «بالدول الشبهة»، وهي التطور، أو قل التدهور، المتوقع لأشباه الدول.
فمع تكرار الفشل تنفجر الأوضاع وتكثر الجرائم لتتحول أشباه الدول إلى شبهات يتجنبها العالم ويخشى منها. الدول الشبهة هي تلك التي يرتاب الناس فيها وفي مواطنيها ويحتاط الجميع منها ومنهم ويوضع كل ما يجري فيها أو يصدر عنها في دائرة الشبهات.
الدولة الشبهة مثل المجرم المدان لا تخضع للتحقيق وإنما توضع تحت المراقبة. ويستدل على الدول الشبهة، على سبيل المثال لا الحصر، بعدد الدول التي تسمح لمواطنيها بدخولها أو بحالات توقيفهم المتكررة في مطارات وموانئ العالم هم وكل القادمين منها. ويستدل عليها كذلك بإحصاءاتها الرديئة في الفساد وكل الجرائم المنظمة وبتراجع الإقبال على زيارتها والاستثمار فيها. وكما يتجنب الناس التعامل مع المشبوه جنائياً ستتجنب الجماعة الدولية الدول الشبهة أو ستتعقبها.
ولا يخفى أن الأمور في العالم تسوء وأن الدول التي تتراجع ليست بالقليلة والتي تفشل ليست بخافية والتي تحولت إلى أشباه دول ليست بمحدودة والتي ستتحول إلى دول شبهة ليست ببعيدة خاصةً أن العالم يشهد ظاهرة شديدة الخطورة بدأت تعصف بحظوظ كثير من الدول في الأداء. فقد كانت القوة والسياسة من قبل تتركزان معاً داخل حدود الدولة، وهو ما مكن أهل السياسة من استعمال تلك القوة لإدارة الدولة. أما اليوم، فبدأت القوة تنفصل عن السياسة.
فبينما بقيت السياسة تدور داخل الدول، انتقلت القوة إلى لاعبين جدد خارجها من شركات كونية عملاقة وقلة محتكرة من أفراد يكونون إقطاعاً عالمياً جديداً بات يمتلك القوة ولا يسمح بها للدول إلا بالقدر الذي يريده. وهي مقدمات تنذر بأن كثيراً من أشباه الدول قد يتحول في المستقبل إلى دول مشبوهة.
عالمنا دائماً يفاجئنا بالأسوأ فاللهم سترك على منطقتنا.
ومع أن شبه الدولة في علم السياسة هو الكيان الذي تنقصه واحدة من مقومات الدولة الخمسة وهي الأرض والشعب والحكومة والسيادة والاعتراف الدولي، إلا أن الاستعمال الشائع للمصطلح يشير إلى الحالات التي لم تعد تقوم الدولة فيها بأبسط واجباتها في حماية المواطنين وتوفير ما يلزمهم، ليُترك الفرد يعتمد على نفسه وليس على القانون والمؤسسات التي تموت في أشباه الدول، كردستان مثلاً تعتبر بالمعيار العلمي شبه دولة لأن واحداً من مقومات الدولة، وهو الاعتراف الدولي، تنقصها، لكن بمعيار القدرة على الأداء فإن بلداناً كسوريا وأفغانستان تعتبر أشباه دول برغم أنها تمتلك المقومات الخمسة للدولة.
وأكاد أرى، وللأسف الشديد، ظهور ما يمكن تسميته «بالدول الشبهة»، وهي التطور، أو قل التدهور، المتوقع لأشباه الدول.
فمع تكرار الفشل تنفجر الأوضاع وتكثر الجرائم لتتحول أشباه الدول إلى شبهات يتجنبها العالم ويخشى منها. الدول الشبهة هي تلك التي يرتاب الناس فيها وفي مواطنيها ويحتاط الجميع منها ومنهم ويوضع كل ما يجري فيها أو يصدر عنها في دائرة الشبهات.
الدولة الشبهة مثل المجرم المدان لا تخضع للتحقيق وإنما توضع تحت المراقبة. ويستدل على الدول الشبهة، على سبيل المثال لا الحصر، بعدد الدول التي تسمح لمواطنيها بدخولها أو بحالات توقيفهم المتكررة في مطارات وموانئ العالم هم وكل القادمين منها. ويستدل عليها كذلك بإحصاءاتها الرديئة في الفساد وكل الجرائم المنظمة وبتراجع الإقبال على زيارتها والاستثمار فيها. وكما يتجنب الناس التعامل مع المشبوه جنائياً ستتجنب الجماعة الدولية الدول الشبهة أو ستتعقبها.
ولا يخفى أن الأمور في العالم تسوء وأن الدول التي تتراجع ليست بالقليلة والتي تفشل ليست بخافية والتي تحولت إلى أشباه دول ليست بمحدودة والتي ستتحول إلى دول شبهة ليست ببعيدة خاصةً أن العالم يشهد ظاهرة شديدة الخطورة بدأت تعصف بحظوظ كثير من الدول في الأداء. فقد كانت القوة والسياسة من قبل تتركزان معاً داخل حدود الدولة، وهو ما مكن أهل السياسة من استعمال تلك القوة لإدارة الدولة. أما اليوم، فبدأت القوة تنفصل عن السياسة.
فبينما بقيت السياسة تدور داخل الدول، انتقلت القوة إلى لاعبين جدد خارجها من شركات كونية عملاقة وقلة محتكرة من أفراد يكونون إقطاعاً عالمياً جديداً بات يمتلك القوة ولا يسمح بها للدول إلا بالقدر الذي يريده. وهي مقدمات تنذر بأن كثيراً من أشباه الدول قد يتحول في المستقبل إلى دول مشبوهة.
عالمنا دائماً يفاجئنا بالأسوأ فاللهم سترك على منطقتنا.