+ A
A -
كتب فهد العمادي

يبدو أن بعض المنتخبات الأوروبية التي ستشارك في بطولة كأس العالم قطر 2022 تفرغت لأمور لا تمس كرة القدم بصلة فمنهم من يريد ارتداء شعارات لدعم الشواذ جنسيا وعكس واقعهم وأخلاقياتهم النتنة وآخرون لايزالون تحت تأثير الهلوسة وتكرار الأسطوانة المشروخة حول حقوق العمال ومؤخرا خرجت علينا الدنمارك بقميص عنصري، يتنافى مع ما يحدث على أرض الواقع في قطر ورغم أننا فتحنا أبوابنا أمام كل وسائل الإعلام العالمية، وكذلك جميع منظمات حقوق الإنسان والنقابات العمالية، وافتُتح مكتب لمنظمة العمل الدولية، وهذه الأخيرة مارست مهامها بكل أريحية نتيجة تعاون الدولة معها، واعتبارها شريكا مهما لدعم مسيرة التطوير التي تنتهجها..

إلا أن الصمت الذي التزمت به الفيفا حيال إعلان بعض قادة منتخبات أوروبية ارتداء شارات قيادة لدعم حملات معينة بمضامين سياسية أو أيديولوجية ومنها دعم الشواذ جنسيا صمت مخجل ومشين، وبما أن الاتحاد الدولي لكرة القدم كان قد رفض سابقا احتجاج لاعبي الدوري الألماني على مقتل جورج فلويد وتضامنهم معه من خلال قمصانهم الداخلية التي تظهر عند خلع القميص الأصل بعد تسجيل الهدف، وذلك استنادا للوائح كانت الفيفا قد طبقتها منذ 2014 فيما يتعلق بعرض أي «عبارات أو صور سياسية أو دينية أو شخصية» على قمصانهم، فلماذا لم يندد الاتحاد بذلك مادام الأمر يتعلق بخرق لوائح الفيفا وفي قمصان رسمية؟! وهل سيركع الفيفا أمام تلك المنتخبات ويخالف لوائحه ويشوه جمالية كرة القدم ؟

ونعود مرة أخرى إلى الدنماركيين..

«هذه ليست بلادكم.. ارحلوا إلى دياركم.. أنتم لا تنتمون إلى هنا.. انظروا إلى بشرتكم الصفراء»..

هذه العبارات العنصرية التي أخرجت أسوأ ما في الدنماركيين من عنصرية، بعدما تعرضت أسرة من أصول تونسية أثناء نزهة عادية مع طفلين صغيرين باتجاه ميناء كاستروب، غير بعيد عن الواجهة الدولية للدنمارك في مطار كوبنهاجن، رغم امتلاك هذه الأسرة للجنسية الدنماركية إلا أنها تعرضت للعنصرية، فكيف سيكون الأمر لو لم تكن تملك الجنسية ؟!

طبعا الإجابة ستكون في السطور القادمة..

لأن الأمر يتعدى إطلاق الألفاظ العنصرية.. بما أن المقيم في الدنمارك يتعرض بشكل يومي للعنصرية، وهذا بشهادة المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان الذي يندد باستمرار بذلك، خاصة أن هذه الحوادث تصل لحد القتل.. وهنا لا بأس بذكر الأحداث الجديدة لأننا لو قمنا بالتطرق لكل أحداث القتل التي تخلفها العنصرية في الدنمارك فسنحتاج أياما لسردها، لهذا سنكتفي بذكر حادثة قتل شاب خريج جامعي كان في زيارة عائلية في جزيرة بورنهولم، من طرف شخصين من ذوي البشرة البيضاء وهما شقيقان، في حادثة لم تختلف كثيرا عما تعرض له جورج فلويد الأميركي من أصول إفريقية.. والغريب في الحوادث العنصرية التي تحدث في الدنمارك أنك تجد وسائل الإعلام الدنماركية تدافع عن تلك التصرفات.

ووفق تقرير سابق كانت قد نشرته الشرطة الدنماركية كشفت فيه تزايدا في شكاوى من العنصرية بنحو 17 % في الدنمارك، إلا أن المركز الدنماركي لحقوق الإنسان يفيد بأن الحالات كبيرة جدا ولا تسجلها الإحصائيات «لأن المعتدى عليهم يئسوا من الشكوى لعدم أخذ الشرطة القضايا إلى المحاكم».

والسؤال المطروح هنا: لماذا لم تعالج الدنمارك الحوادث العنصرية المتكررة ؟

حتى الحيوانات لم تسلم من مجازرهم

غياب الحقوق في الدنمارك لم تسلم منه حتى الحيوانات..

وهنا أيضا لن نذهب بعيدا فلا بأس بسرد حادثة يعرفها الجميع بما أنها حدثت في زمن جائحة كورونا (كوفيد - 19)، بعد إقدام الحكومة الدنماركية بقتل أكثر من 15 مليون من حيوان المنك، فلا أعتقد أننا سمعنا عن حالات قتل لحيوانات وصلت لهذا الحد من الوحشية، حتى الخفاش الناقل فيروس كوفيد19 لم نسمع عن أقدام دولة أو حكومة بقتله بهذا العمل الإجرامي.

ورغم المظاهرات التي شهدتها الدنمارك التي طالبت باحترام الدستور الذي ينص على مراعاة حقوق الإنسان والحيوان، واعتذار الحكومة بعدها، إلا أن قتل حيوانات المنك استمر من خلال مشروع قانون يحظر تكاثرها.

المرصد الأورومتوسطي يندد بما يحدث في «جيتو»

بعيدا عن العنصرية والقتل الجماعي للحيوانات (المجازر)، يواصل المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان انتقاد التمييز الذي تمارسه الحكومة الدنماركية ضد المناطق المصنفة على أنها «جيتو» من عمليات الإخلاء، والحضانة الإجبارية، والعقاب المزدوج، والإفراط في الإجراءات الأمنية، وذلك في مناطق سكانية فقيرة وهشة غالبية سكانها من الأعراق غير الغربية، وتواجه تهميشًا وإقصاءً من الحكومة وصناع القرار.

واعتبر المرصد الأورومتوسطي أن الحكومة الدنماركية ساهمت في تأجيج كراهية الأجانب والتحيز العنصري والتعصب ضد الأقليات الضعيفة من خلال معاييرها المعيبة والتمييزية التي تستهدف الأفراد من الأعراق غير الأوروبية، مشيرًا إلى أن سياستها العقابية متطرفة وتؤدي إلى نتائج عكسية، فيما يكرس تسميتها بالجيتو الوصم والإقصاء في المجتمع الدنماركي.

وفتح المرصد موضوعا آخر يتعلق بعدم ترحيب الدنمارك بالمقيم على أراضيها، لهذا كانت قد دعت لوقف جميع الإجراءات العقابية التمييزية وغير المتناسبة ضد سكان المناطق المدرجة على أنها «جيتو» وتقديم حوافز لتشجيع اندماج المهاجرين بدلاً من استيعابهم القسري.

غياب حقوق العمال والتمييز في الإسكان

وطالب المرصد الأورومتوسطي الحكومة الدنماركية بمعالجة مشكلة ندرة الإسكان ميسور التكلفة، والتمييز في الإسكان وسوق العمل ضد الأقليات العرقية أو الإثنية أو القومية، وتعزيز تصور أكثر إيجابية وترحيبية واحتضانًا للمهاجرين واللاجئين في البلاد.

copy short url   نسخ
30/09/2022
295