+ A
A -
بعد سقوط العراق، رأيته ذاهبا إلى المطار، متجها إلى «بانكوك» لقضاء إجازة لمدة ثلاثة أشهر انتظارا لما سيسفر عنه الاحتلال البريطاني- الأميركي للعراق،
بعد رحيل بن علي.. وبعد رحيل حسني مبارك، وبعد الانقلاب العسكري على محمد مرسي، وبعد قتل القذافي وبعد حرق سوريا، اتصل بي ليقول إنه ذاهب إلى المساج.. وبعد مشاهدة الطفل عمران وصحبه في حلب
اتصلت به أمس الأول، فوجدته يتابع برنامجه المساجي وأهم فقرات هذا البرنامج جلسات «المساج» اليومية التي، كما يقول، إنها محاولة لتنشيط الدورة الدموية، ومن ثم تنشيط الذاكرة، لعله بعد عودته لموطنه يستطيع أن يكتب، لكن يقول: في ماذا أكتب؟ ولمن أكتب؟ وكيف أكتب؟ فبعد المشهد في حلب وما سبقه من سيناريوهات من العراق إلى ليبيا فالقرائح جفَّت، والقلوب جفَت، والشجاعة نضبت ولم يعد هناك من يستطيع أن يقاوم البسطار الأجنبي- أميركيا أو روسيا- وحتى الداعشي مسخر لخدمة البسطارين.
جواب صديقي أشعرني بالضياع واليأس بل أشعرني- وقد يكون هذا الشعور هو الأسوأ- أشعرني بالخوف.. الخوف المتنامي من إبداء الرأي بصراحة، خاصة بعد أن أصبح الحديث عن مظالم النظام وحلفائه جريمة.
فالخوف من الموت جوعا أو قتلا، أو سجنا أو مطاردة بتهمة الإرهاب قد يكون هو الذي ألجم لسان صديقي وأصدقائه من الكتاب الذين فاجأهم الموقف العربي مما يجري في الدول التي تداس تحت راية الربيع العربي الذي صنعوه ورسموه ونفذوه على مزاج لا يبقي لهذه الأمة موقفا.. والكل يعلم لصالح من كان هذا الربيع الخريف الشتاء.
أما كيف نواجه الموقف.. فأقولها وبصراحة.. اذهبوا إلى بانكوك وخذوا قسطا من المساج، وحين تعودون.. فسوف تقولون الكلمة الحق مهما كانت النتائج، فالغد لهذه الأمة، فلا أميركا باقية، ولا إسرائيل باقية، ولا داعش باقية ولا الروافض باقون فالشعب المؤمن الصابر الذي أسلم وجهه لله، هو الذي سيبقى، وستبقى الكلمة له وسيواصل حياته ولن يلتفت للزائلين من الذين أرهبهم «أرئييل بن شمئيل بن نضئيل بن إسرائيل».
خذ قسطا من المساج وواجه السواد بالايمان فمهما بلغ الظلم فقول الحقيقة هو الطريق إلى المستقبل.ولا تستمع لجبن نزار قباني حين قال
لا ترفع الصوت.. فانت آمن
ولا تناقش ابدا مسدسا
او حاكما فردا
فانت آمن
وكن بلا لون ولا طعم ولا رائحة
وكن بلا رأي
ولا قضية كبرى
فانت آمن
واكتب عن الطقس
وعن حبوب منع الحمل ان شئت
فانت آمن
هذا هو القانون في مزرعة الدواجن
فقد كان رحمه الله يبحث عن موقع في صحيفة..

بقلم : سمير البرغوثي
copy short url   نسخ
22/08/2016
1198