+ A
A -
كما هو الحال دائما لا ينقطع الحديث عن المرأة أبدا، وكما أشرت في مقالتي السابقة إلى أن الفضائيات الإعلامية لا تخلو من رائحة أنثى، أعود فأذكر أن الحديث بالمطلق لا ينتهي عند حد معين عن المرأة بوجه التحديد والإعلام بشكل عام فما بالنا لو كان الموضوع عن المرأة والإعلام معا؟!
استخلصت في رسالة للماجستير في الإعلام والاتصال كانت مقدمة إلى مجلس كلية الآداب والتربية بالأكاديمية العربية المفتوحة في الدنمارك تقدم بها الطالب ناجي النهر بإشراف الأساتذة د. حسن السوداني ود. لطفي حاتم
عام 2008 م النقاط المهمة التالية: أولا: أكد البحث أهمية المرأة ودورها المهم في بناء المجتمعات والتنمية الشاملة على مختلف الأصعدة وتوصل الباحث إلى أن تغيير صورة المرأة في وسائـل الإعلام يتوقف بالدرجة الأساس على كفاح المرأة الدءوب من أجل ترسيخ مبادئ الحرية والديمقراطية والمساواة وقد حان الوقت للباحثين والمنظرين وقادة المجتمع ووسائل الإعلام والاتصال المختلفة على إبراز صورة المرأة المساوية للرجل والمشاركة الحقيقية له في اكتشاف كنوز المعرفة النظرية والعملية من أجل تطوير الحياة وحمايتها وتلبية حاجات الناس وإسعادهم، وإن رفع الوعي الحضاري العام للمجتمعات يساعد على تنفيذ وصايا الباحثين ومقررات المؤتمرات الخاصة بالمرأة ومساهماتها الهادفة إلى تغير صورتها السلبية وفي التصدي لمحاولة فرض الثقافة الذكورية وتثبيتها كأيديولوجية اجتماعية مقدسة يصبح من الكفر مجرد التفكير بنقدها أو تغييرها، وبالفعل فقد أعاقت الثقافة السلفية دور المرأة الخلاق وإحالته إلى دور ثانوي باهت لا يتعدى إشباع الحاجات الغريزية والمحافظة على الجنس.
بالإضافة إلى أن نمو أفق العلاقة المشتركة المتبادلة والموسومة بالتأثير الايجابي بين المرأة والرجل لا يمكن أن تسمو قبل أن يسمو وعيهما نحو حالة أرقى وأفضل في فضاء مفتوح وعمل مكثف متجانس في الفكر والممارسة باتجاه التقدم. ثانيا: تعد الفضائيات في عصرنا وسيلة اتصال متقدمة لنقل المعلومة المفيدة للمتلقي بسرعة الصوت والضوء بالصوت والصورة والمتعة الروحية حيث تتوزع الفضائيات في أنحاء المعمورة حتى يكاد لا يخلو قطر من الأقطار من واحدة أو أكثر منها ولذا تعد فضائية «إم بي سي» ذات أهمية خاصة بسبب أنها أول الفضائيات العربية التي ظهرت بعد غزو الكويت وبالتحديد من سبتمبر1991 والتي انتشر صداها وتأثيرها بسرعة قياسية بسبب ريادتها وخلو الأقطار العربية من الفضائيات ووسائل الإعلام المنافسة، وقد أظهرت فضائية أم بي سي صورة المرأة في السلب والإيجاب في برامجها المختلفة (الدراما، الإعلان، الثقافة، الأخبار وغيرها).
إن فضائية الـ «إم بي سي» كغيرها من الفضائيات لا تخلو من نقاط ضعف تتلخص في غياب التنسيق الإعلامي بينها وبين الفضائيات ووسائل الإعلام الأخرى واعتمادها على برامج من نتاج دول مختلفة كالأفلام والمسلسلات واهتمامها بإرضاء وتجميل صورة السلطات السياسية والفنية في البلدان التي تعمل بها بما يؤثر على ضعف مستواها الفني والثقافي والتربوي ولا يميز هويتها عن وسائل الإعلام والفضائيات المشابهة، كما أن خاتمة البحث تؤكد مرة أخرى على أن تغيير صورة المرأة من السلب إلى الإيجاب يعتمد بالأساس على قوة كفاح المرأة ذاتها ويتناسب معه طرديا في الفكر والممارسة.
وفي سياق محاذ لما ذكر أعلاه خصصت مجلة «متابعات إعلامية» عددها الفصلي الأخير لقضايا المرأة في الإعلام؛ حيث تحاول الدراسات، والبحوث التي حفل بها العدد الجديد أن «تشخص واقع المرأة العربية بوجه عام في منظومة الإعلام المقروء والمسموع، والمرئي، وإجلاء الصورة الذهنية للمتلقي العربي، والآثار السلبية التي تترتب على تأصيل الأفكار المغلوطة، وترسيخ القيم السالبة تجاه المرأة العربية، نشاطاً وقدرةً، وطاقة».
وتنوعت المقالات، والبحوث والدراسات في هذا الصدد بين إبراز صورة المرأة الإعلامي على المستوى المهني والصورة الذهنية، وواقعها في المجال الإعلاني، ونشأة وتطور الصحافة النسائية في الوطن العربي، والإعلام، والمرأة المغتربة، والإعلام، وحقوق المرأة العربية، وصورة المرأة في الوسائل الإعلامية اليمنية، وأوضاع المرأة –بوجه عام- في اليمن.
فمن مصر-مثلاً- يبحث الدكتور جابر عصفور في دراسته عن «المرأة، والإعلانات، والأساليب الفجة التي تتبعها وسائل الإعلام العربية، من خلال الإعلانات التي يعهد للنساء تقديمها بصورة تسيء لآدميتها التي ارتقى بها إسلامنا الحنيف». كما حاول الأستاذ عبدالحفيظ الهرقام «أن يجلي الأبعاد النفسية، والفكرية للإعلام الإذاعي والتليفزيوني لصورة المرأة العربية متعرضاً للتأثير الجبار الذي يحدثه الإعلام في سلوك الناشئة، والآباء، والأزواج تجاه عمل المرأة، وتعلميها وإسهامها في عمليات التنمية».
وتكتب نبيهة الحيدري- من اليمن- عن المرأة في وسائل الإعلام اليمنية، وكيف أن هذه الوسائل تختلف من صحيفة لأخرى لتحديد الخطاب الإعلامي، والرسالة الإعلامية المطلوبة الموجهة نحو قضايا المرأة باعتبارها شريكاً أساسياً في بناء المجتمع، وأنَّ ثمة وسائل إعلامية في بلادنا تقدم قضايا المرأة على نحو مضيء كالإذاعات التي تخصص مساحة زمنية للمرأة، وقضاياها، وبعض الملاحق الصحفية، الخاصة بالمرأة، وتعد ذلك توجهاً إيجابياً، نحو مزيد من الاهتمام المستقبلي. يشار إلى أن مجلة متابعات إعلامية انقطع إصدارها منذ العام 2002م وعاودت الإصدار بهذا العدد المتميز.
وإني أود أن أؤكد في هذا المقال أن المرأة تستطيع تغيير الصورة النمطية التي طالما أشيعت عنها خاصة تلك الصورة التي تظهر النساء الشرقيات كمهمشات في المجتمع وفي المقابل تظهر صورة الرجل في لباس (سي السيد) الذي يقوم بأمرها ونهرها وحتى ضربها، مثل هذه الوجبات السامة التي تدخل كمادة إعلامية محددة الهدف أو غير محددة تستهدف بشكل أو بآخر جمهور فسيفسائي يتكون جزء منه من أصحاب الثقافات الغربية الذين يحاولون جاهدا معرفة الشرق عن طريق الإعلام الوارد.
إذن فالصورة النمطية ستتكون لدى المستقبلين في الغرب على أن المرأة نموذج للتعدي والشتم، وفي هذه الحالة يصعب من الصعب جدا تغيير الصورة الأولى للمتلقي الغربي عن المرأة العربية إلا من خلال تكثيف الجهود الإعلامية عن طريق تصحيح نوعية ونمطية المواد «الدرامية» بشكل أساسي التي تعكس صورة المرأة الحقيقية في الواقع الشرقي المعاش.
وللحديث بقية!

بقلم : خولة مرتضوي
copy short url   نسخ
19/08/2016
3086