+ A
A -
محمود الريماوي - كاتب فلسطيني

بنبرة واثقة وثابتة، تحدّث الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، قبل أيام لقناة تلفزية أميركية، عن اعتقاده أن الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، يريد إنهاء الحرب (على أوكرانيا) في أقرب وقت ممكن. وقد جاء الإعراب عن هذا الاعتقاد، بعد محادثات مكثفة بين الرجلين، على هامش قمة شنغهاي في مدينة سمرقند بأوزبكستان.. وقد يبدو تصريح الرئيس التركي بشأن موقف الرئيس الروسي أمراً معهودا، إذ سبق لبوتين أن أعلن مراراً عن استعداده لإنهاء الحرب «اليوم قبل الغد شريطة تلبية المطالب الروسية»، غير أن أردوغان لم يربط تقديره بمطالب روسية، بل قَرن هذا الأمر، وهو الاستعداد لإنهاء الحرب بما سماه وجود «إشكالية كبيرة» لدى القيادة الروسية، في إشارة إلى تقهقر القوات الروسية، أخيرا، عن آلاف الكيلومترات داخل أوكرانيا، وهو ما لمسه لدى محادثاته مع نظيره الروسي. وقد دأب أردوغان على اللقاء ببوتين أو التواصل الهاتفي معه، مرّة على الأقل في الشهر، وهو ما واظب عليه بعد شنّ الحرب الروسية على أوكرانيا.

يبدو التصريح عن السعي إلى إنهاء الحرب متناقضاً مع التحشيد الروسي بإعلان تعبئة عسكرية جزئية لإضافة 300 ألف جندي روسي إلى عديد الجيش الروسي (خطوة غير مُرحّب بها شعبيا). وكذلك مع التهديدات المتكرّرة بالسلاح النووي، والتذكير المتكرّر على ألسنة مسؤولين روس بـ«العقيدة الروسية» في هذا الشأن، غير أن رفع سقف السيناريوهات العسكرية قد لا يعني بالضرورة الاستعداد لاستخدامها، بل استثمارها ورقة ضغط على الطرف الآخر، وهو في الوعي الروسي الغرب أولاً، وأوكرانيا ثانياً، من أجل الدفع نحو حل تفاوضي.

ومن المواقف المتضاربة، جاء خطاب الرئيس زيلينسكي أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة مساء الأربعاء متشدّدا، داعيا إلى إيقاع «عقاب عادل» بروسيا، ووردت كلمة عقاب في خطابه عبر الفيديو 15 مرّة، كما لاحظت تقارير إعلامية. وتجيء هذه النبرة المتشدّدة، ردّا على الإعلانات الروسية المتكرّرة بالاستعداد لإنهاء الحرب، وفي نبرةٍ لا تخلو من الشعور بنشوة النصر.. علماً أن من السابق لأوانه الحديث عن نصر أوكراني أو هزيمة روسية، وقد تندفع موسكو نحو إجراءات مدمّرة تطاول المدنيين أو البنية التحتية المدنية، على غرار ما فعلته وما زالت تفعله في سوريا، وذلك لتبديد أية انطباعات عن نصر أوكراني، ومن أجل شقّ الطريق نحو حل تفاوضي، من الأفضل أن يجري التباحث فيه مع الغرب مباشرة، مع اختصار المطالب الروسية بتحرير منطقة دونباس حدّا أدنى.

copy short url   نسخ
25/09/2022
0