+ A
A -
م. أنس معابرة

تقومُ المؤسسة العامة القطرية للكهرباء والماء منذ عدة سنوات بحملة كبيرة لتغيير عدّادات الطاقة الكهربائية للمشتركين، وذلك من خلال استبدال العدّادات القديمة التقليدية بعدّادات حديثة ذكية.

وتأتي عملية الاستبدال ضمن الخطة التي تعتمدها المؤسسة لتحويل الشبكة الكهربائية إلى شبكة ذكية، من خلال إضافة مجموعة من العناصر الحديثة للشبكة، مثل العدّادات الذكية، ومحطات شحن السيارات الكهربائية، والخلايا الشمسية، ومكثفات تحسين الجهد، ومحطات تخزين الطاقة الكهربائية وغيرها.

وتُتيحُ العدّادات الذكية مجموعة من الخصائص التي تساعد على توفير الجهد والوقت، من خلال ارتباطها إلكترونياً بمركز التحكم الذي أنشأته المؤسسة خصيصاً لشبكة التوزيع، وبالتالي لن تعود المؤسسة بحاجة إلى قراءة العدّاد شهرياً من خلال القُرّاء، بل بإمكانها الاكتفاء بالقراءة الواردة إلى المركز إلكترونياً، وتسجيلها لاعتماد فاتورة المُشترك.

ولا يقتصر دور العدّادات الذكية على إرسال القراءات لمركز التحكم فقط؛ بل هي مؤهلة لاستقبال المعلومات من المركز أيضاً، مثل القدرة على فصل التيار الكهربائي من المركز في حالات الطوارئ كالحرائق مثلاً، أو في حالات تراكم الفواتير على المُشترك وتخلُّفه عن الدفع لفترات طويلة، وكذلك في كشف حالات التلاعب بالعدّاد، أو العبث بالشبكة الكهربائية، وغيرها من التجاوزات.

إلا أنني استمعتُ إلى العديد من الشكاوى فيما يخص ارتفاع قيمة فاتورة الكهرباء في حال تغيير العدّاد من تقليدي إلى آخر ذكيّ، وكان لا بد من توضيح سبب ذلك من خلال شرح آلية عمل العدّادين، وسبب ارتفاع قيمة الفاتورة.

العدّاد التقليدي تم اختراعه قديماً عام 1888 للميلاد في ظل توسّع استخدام الكهرباء، وضرورة قياس كمية الاستهلاك، ويعتمد مبدأ عمله على المجال المغناطيسي المُتولد من التيار المُستهلك في المنزل، حيث يعمل هذا المجال على تحريك القرص الدوّار المرتبط بخانات العدّ، وفي حال زيادة استهلاك التيار؛ تزداد قيمة المجال المغناطيسي، وبالتالي تزداد سرعة دوران القرص.

أما العدّاد الذكيّ؛ فيعتمد بشكل رئيسي على لوحة إلكترونية تقيس مقدار التيار والجهد الكهربائيين، ثم تقوم بحساب قيمة الطاقة الكهربائية المستهلكة داخل المنزل من خلال معادلة رياضية بسيطة حسب قانون أوم. وهنا نلاحظ أن العدّاد القديم يحتوي على مجموعة من نقاط الضعف على الرغم من العمل على تطويرها وتجاوزها: فهنالك فاقد في المجال المغناطيسي المُتولد من التيار الكهربائي، ويضيع جزء منه بعيداً عن القرص، أضف إلى هذا وزن القرص الدوّار، واحتكاكه مع محور الدوران. ومع مرور الوقت قد تصبح حركة القرص أصعب نتيجة لصدأ الأجزاء الداخلية، أو نظراً لتراكم الغبار داخل العدّاد، وبالتالي لا تعكس الفاتورة الصادرة عنه كمية الاستهلاك الحقيقي للمشترك.

كما أن العدّاد القديم عُرضة للعبث والتلاعب بشكل أكبر من العدّاد الذكيّ، حيث تم الكشف عن الكثير من الطرق التي يتلاعب بها بعض ضِعاف النُفوس بالعدّاد لتقليل كمية الاستهلاك، لدرجة قيام أحد المختصين بمناقشة رسالة الماجستير بعنوان «سرقة الكهرباء»، والتي كشف بها عن مجموعة من أساليب العبث بالعدّاد الكهربائي القديم، والتي باتت مكشوفة للكوادر العاملة في مجال الكهرباء.

ومن الجدير بالذكر أن عملية استبدال عدّادات الكهرباء التقليدية بأخرى ذكية لم تكن حكراً على دولة قطر فقط؛ بل عكفت مجموعة من الدول على تلك العملية لمواكبة عملية التطور والتحديث في الشبكة الكهربائية بغرض النهوض بالجودة وتحسين الخدمة، في حين لجأت بعض الدول لاستبدال العدادات القديمة بأخرى تعمل بنظام بطاقة مُسبقة الدفع، بغرض التخلص من تراكم الفواتير على المشتركين، وإجبارهم على الدفع المسبق لأثمان الكهرباء، بالإضافة إلى القضاء على ظاهرة العبث بالعدّادات والاعتداء على الشبكة الكهربائية، الأمر الذي يُشكّل خطورة كبيرة على المشتركين وأجهزتهم والشبكة الكهربائية على حد سواء.

copy short url   نسخ
24/09/2022
35