+ A
A -
طلال عوكل كاتب فلسطيني

الأحداث المؤسفة التي شهدتها مدينة نابلس مؤخرا تنطوي على مؤشّرات خطيرة، نحو تصدّع العلاقات الوطنية، المتصدّعة أصلاً، وتضاعف الفجوة بين السلطة الوطنية وأجهزتها الأمنية وبين الناس.. تزداد خطورة الأحداث، حين يتصل الأمر، بقيام الأجهزة الأمنية باعتقال اثنين من المقاومين المطلوبين لإسرائيل، وفي ضوء مطالبات إسرائيلية بتفعيل دور السلطة في ضبط الأوضاع، وتحقيق الهدوء في الضفة الغربية، خصوصاً في نابلس وجنين.

معلوم أن السلطة الوطنية لم تقرّر عمليا وقف التنسيق الأمني، لكن ما حدث وما تحاول إسرائيل أن تفعله لوضع الفلسطينيين في مواجهة بعضهم بعضاً، وصرف الأنظار عن مواجهة السياسات والممارسات الاحتلالية، من شأنه أن يعمّق أزمة عدم الثقة على المستوى الوطني، ويترك مجالاً لتوجيه اتهامات صعبة للسلطة والأجهزة الأمنية.

يحتاج الفلسطينيون إلى إعادة بناء الثقة في ضوء اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، حيث يحضرها نحو مائة وخمسين رئيساً وملكاً، ورئيس حكومة، للتداول في الأزمات التي تعصف بالأمن والسلم الدوليين.

على طاولة الحوار الدولي في الأمم المتحدة، تتراجع مكانة القضية الفلسطينية حيث تتصدّر المشهد والنقاش أولاً، الحرب في أوكرانيا، ثم الملف النووي الإيراني، فيما يتم تناول القضية الفلسطينية، وكأنها قضية مؤجّلة مستعصية على الحلّ في هذا الزمان.

لا يمكن لمعادلة الهدوء والتسهيلات وتصاريح العمل مقابل الأمن والاستقرار للاحتلال، لا يمكن لهذه المعادلة أن تتحقّق ليس لأن الشعب الفلسطيني يرفض السلام والأمن والاستقرار، ولكن لأن إسرائيل تصادر كل الأسباب التي تؤدي إلى مثل هذا الأمن والسلام، وفي الأساس مصادرة الحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني. أي منطق هذا، الذي يؤدي بإسرائيل إلى اتخاذ قرار بإغلاق الضفة الغربية والقدس، وإغلاق المعابر مع قطاع غزة، خلال فترة الأعياد اليهودية، وحتى يقوم المتطرفون بأداء طقوسهم التلمودية في القدس والمسجد الأقصى، بينما يكون على الفلسطيني أن يجلس في بيته أمام شاشة التلفاز ليشاهد بشاعة السلوك الإسرائيلي؟

إسرائيل عملياً تصعّد من عدوانها في كل مكان في الضفة والقدس، حيث تقوم بحملات اعتقال بالجملة، تقول إنها ذات طبيعة استباقية لمنع وقوع عمليات، ولا تتوقف عن اقتحام المدن والقرى الفلسطينية وتستخدم الطائرات المسيّرة لملاحقة المواطنين.

على إسرائيل أن تتوقع استناداً لما تمارسه من سياسات، أن يقع ما يحذّر منه مسؤولوها، ويخافون منه، ما سيقلب الطاولة على كل الواهمين بإمكانية استغلال الدم الفلسطيني لمصالحهم الخاصة والاحتلالية.

{ الأيام الفلسطينية

copy short url   نسخ
24/09/2022
0