+ A
A -
تحولت المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية والقدس المحتلتين، إلى ما يشبه ورشة بناء متواصلة، حيث إنه ووفق معطيات فلسطينية فإن الاستيطان تصاعد بشكل مجنون خلال الفترة الأخيرة.
ويحذر المكتب الوطني للدفاع عن الأرض ومقاومة الاستيطان من الحملة الاستيطانية المسعورة التي تشهدها أراضي فلسطين تحت الاحتلال الإسرائيلي بإقرار مزيد من مخططات الاستيطان والتهويد في القدس المحتلة ومواصلة بناء جدار الضم والتوسع في جنوب الخليل جنوبي الضفة الغربية. واعتبر المكتب، في تقرير له أن هذه الجرائم الإسرائيلية تحد لكافة القوانين الدولية وأن مكانها المحكمة الجنائية الدولية بروما.
وفي ذات الوقت، حذر التقرير من مخاطر قيام أعضاء من الائتلاف الحكومي اليميني المتطرف في الكنيست الاسرائيلية بتقديم مشروع قانون يقضي بضم مستوطنة «معاليه أدوميم»، الواقعة شرقي القدس المحتلة، إلى إسرائيل وفرض القانون الإسرائيلي عليها.وقال: «إن مشروع ضم مستوطنة معاليه أدوميم لمدينة القدس يعتبر تحديا صارخا للقانون الدولي وللأعراف والمواثيق الدولية التي تجرم الاستيطان وتدينه بكافة أشكاله، والذي بدوره سيصادر مساحات واسعة في أراضي القرى والبلدات المحيطة بها مثل أبوديس والعيزرية والسواحرة والزعيم والعيسوية».
وذكر أن معظم أراضي مستوطنة «معاليه ادوميم» صودرت عام 1975، باعتبارها أملاك دولة، ومخططها الهيكلي المصادق عليه يتجاوز الـ 35كم مربع، والمبني منها حتى الآن 10كم مربع، ومجال نفوذها يمتد إلى منطقة غور الأردن والبحر الميت، وتضم منطقة صناعية كبيرة.وبين أن هذه الكتلة الاستيطانية الضخمة مستوطنة «معاليه أدوميم»، يجري التخطيط لها على أساس أن من شأنها أن تقطع وتعزل شمال الضفة الغربية عن جنوبها.
وتحرم السلطات الإسرائيلية المواطنين المقدسيين من البناء والتوسع، وتعمل على تهجيرهم من خلال تضييق الخناق عليهم بفرض ضرائب باهظة عليهم وهدم منشآتهم، ما يجبرهم على اللجوء إلى العيش في «العشوائيات»، في وقت تعمل فيه على إحلال أكبر عدد ممكن من المستوطنين في المدينة بغية تحقيق الحلم المنشود بـ «العاصمة الأبدية والموحدة».
كما حذر التقرير من خطورة دفع قانون الترتيبات الذي يهدف إلى تمهيد مصادرة الأراضي الفلسطينية الخاصة داخل المستوطنات، والذي يقف خلفه البيت اليهودي، من أجل الالتفاف على منع هدم البؤر الاستيطانية «عمونا مثالا».
وأفاد أن وزير الجيش الاسرائيلي أفيغدور ليبرمان أمر بوضع حل يسنح بترتيب مكانة بيوت المستوطنة، ومنع هدمها.
وفي اطار هذا الحل الذي يلتف على الحاجة إلى سن قانون، يقترح ليبرمان استخدام قانون أملاك الغائبين لعام 1950، والذي يسمح بالسيطرة على أملاك من غادروا إلى دول معادية «خلال حرب 1948».
وبين التقرير أن القانون المقترح يحظى بتأييد كبير بين وزراء اليمين، بسبب الضغط الكبير الذي يمارسه المستوطنون، على الرغم من وجود قرار من المحكمة الإسرائيلية العليا بإخلاء مستوطنة «عمونا» المقامة على أراض فلسطينية خاصة.
وأكد أن اليمين الحاكم في إسرائيل بحث عن مخارج وطرق للالتفاف على هذا القرار، الذي ينهي سنوات طويلة من سيطرة المستوطنين على الأراضي الفلسطينية التي أقيمت عليها المستوطنة، وبالتالي التمهيد لتشريع عشرات البؤر الاستيطانية التي أقيمت على أراضي فلسطينية خاصة.
وكشفت أسبوعية «يروشاليم» العبرية، عن مخطط استيطاني لإقامة متنزه كبير في مستوطنة «بسغات زئيف» شمالي القدس المحتلة.. يمتد على مساحة 17 دونما، بتكلفة حوالي 14 مليون شيكل تقدمها وزارة الإسكان وبلدية الاحتلال في القدس.
وأشارت إلى اختيار مقاول لتنفيذ المشروع تحت إشراف شركة «موريا» التابعة لبلدية الاحتلال، لافتة إلى أنه من المتوقع بدء العمل بهذا المشروع قريبا، فيما يتوقع افتتاحه الصيف القادم.
ويقع المتنزه في ما يسمى «كريات عمنوئيل مورنو» ويتضمن منطقة ترويحية ومدرجا مسرحيا مفتوحا وشلال مياه وبركة وإنارة وحدائق لأعشاب برية، وبركة للأسماك والنباتات البحرية، كما ستقام في المتنزه منشآت رياضية وتماثيل فنية.
وذكرت الصحيفة، أنه يجري الإعداد وبصورة منفصلة عن هذا المخطط لإقامة هيكل ثقافي إلى جانبه يتضمن بركة سباحة تخدم المستوطنين في مستوطنات شمال القدس، ومن المقرر افتتاح هذا المشروع للجمهور خلال عامين.كما صادقت لجنة التخطيط والبناء التابعة لبلدية الاحتلال في القدس، على خطة لبناء آلاف الوحدات الاستيطانية وأماكن تجارية وفنادق، على طول مسار القطار الخفيف في القدس المحتلة الذي سيشمل بناء فنادق ومجمعات ومحال تجارية وأبراج بارتفاع 30 مترا.وحسب رئيس بلدية الاحتلال بالقدس نير بركات، فإن هذا المشروع سيضيف آلاف الشقق السكنية ويوسع مناطق التجارة والفنادق على طول مسار القطار الخفيف، الذي يمتد على طول 22.5كم، ويبدأ من القدس ويصل إلى بيت حنينا.
وقال التقرير: «إن الاحتلال الإسرائيلي يخطط لمواصلة العمل بجدار الضم والتوسع بإقامة جدار جديد بدلا من القديم في محيط جنوب جبل الخليل في منطقة بلدة ترقوميا (الفلسطينية) و(مستوطنة ميتار) على امتداد 42كم».وسيتم تجهيز الجدار بأجهزة مراقبة بهدف «منع المقاومين والمهاجرين غير الشرعيين» إلى اسرائيل، بحسب زعم مسؤولين إسرائيليين.
مقاطعة تتواصل
في سياق متصل، أكد المكتب الوطني للدفاع عن الأرض ومقاومة الاستيطان أن حملة مقاطعة إسرائيل تتواصل وتحقق نجاحات في مواجهة الحملة الاسرائيلية المعاكسة، على الرغم من الحرب القانونية والإعلامية والاستخباراتية التي تديرها إسرائيل ومنظمات اللوبي الصهيوني المنتشرة في الكثير من البلدان الغربية.
وأشار المكتب في تقريره الدوري حول مقاطعة الاحتلال إلى أن حكومة الإسرائيلية توظف مبالغ هائلة لمواجهة حملة المقاطعة، بالإضافة إلى الضغط الذي تمارسه على المستوى الدولي، من خلال تشريعات في بعض الدول تدين الحركة، أو تضع الأطر المؤيدة لها على «قوائم سوداء»، أو تضيق الخناق على نشطائها.وذكر أن إسرائيل وحلفاءها فشلت في التصدي للحركة على صعيد المجتمع المدني والأوساط الفنية والأكاديمية والنقابية والمجتمعية في معظم دول العالم، حيث مازالت حركة مقاطعة إسرائيل تحقق نجاحات متواصلة محليا وعربيا ودوليا.
وأوضح أن حركة مقاطعة إسرائيل وسحب الاستثمارات منها وفرض العقوبات عليها «BDS» حققت نجاحا في مواجهة الحكومة البريطانية ومحاولتها حرمان المجالس البلدية والمؤسسات الحكومة من التمويل في حال تبنت سياسة مقاطعة إسرائيل.
وحسب بيان صادر عن الحركة، فإن محكمة بريطانية أصدرت قرارا ضد محاولات الحكومة البريطانية منع المقاطعة، واعتبرتها أمرا غير أخلاقي ومرفوضا.
وقالت إن محكمة بريطانية أصدرت حكما لصالح ثلاثة مجالس بلدية وهي (لستر وسوانزي وغويند)، معتبرة أن هذا القرار يمثل انتصارا للحركة.
وأشار المكتب الوطني في تقريره إلى أن مؤتمر الكنيسة المشيخية والجمعية العامة للموحدين الكونيين في الولايات المتحدة الأميركية صوت مؤخرا لصالح حقوق الشعب الفلسطيني.وأكد المؤتمر العام للكنيسة المشيخية قرارها التاريخي الذي اتخذته في العام 2014، والقاضي بسحب استثماراتها من ثلاث شركات أميركية متورطة في الاحتلال وهي «إتش بي، وموتورولا وكاتربيلر» من خلال التوصية بالامتناع عن الاستثمار في أي نشاط «يدعم العنف ضد الفلسطينيين أو الإسرائيليين».كما صوتت غالبية من الكونيين الموحدين، بنسبة 54 %، لصالح سحب استثمارات رابطة الكونيين من الشركات المتواطئة في نظام الاحتلال الأبرتهايد الإسرائيلي، ولكن لم تصل هذه النسبة إلى الثلثين، وهي الحد الأدنى المطلوب لتبني المؤتمر للقرار.
وتعليقا على ذلك، قال المتحدث باسم حركة فتح في أوروبا جمال نزال: «إن القضم التدريجي وسرقة الأراضي الفلسطينية على دفعات لا يقلل من خطورة الاستيطان وفق التعريف الدولي الملزم في أوروبا أيضا».
وأضاف: «نحن نتوقع من مؤيدي القانون الدولي خطوات عملية لصد هذا الاندفاع الإسرائيلي غير المسؤول لتعميق الصراع بدلا من حله».
وطالب نزال الدول الأوروبية بخطوة عملية للتعبير عن رفض العالم لهذه السياسة الإسرائيلية الخطيرة، مضيفا: «أمام المخاطر المتنوعة التي يشهدها العالم، يعتبر الاستيطان الاسرائيلي أحد أبرز عوامل التوتر التي يتجاوز تأثيرها حدود فلسطين، وتتعداه إلى استفزاز مشاعر سكان العالم الإسلامي الذي يرصد هذه التصرفات الإسرائيلية بحساسية ورفض بالغين».
ودعا دول أوروبا إلى دعم التحرك الفلسطيني المشروع في البعد الدولي من أجل التصدي للاستيطان الاستعماري الخطير، انطلاقا من تأييد دول الاتحاد على وجه الخصوص توصيات مجلس حقوق الإنسان العالمي في 2014، وتحذيره من خطورة الاستيطان الإسرائيلي على حياة الشعب الفلسطيني في مجال حقوقه السياسية والاجتماعية والبيئية والاقتصادية والتعليمية والثقافية، كما جاء في تقرير لجنة تقصي الحقائق المشكلة من المجلس والتي استندت بشكل كبير إلى توصيات القناصل الأوروبيين.
وقال نزال: «إن التصدي للاستيطان من قبل دول الاتحاد الأوروبي على المستوى السياسي ومستوى حظر تعامل الشركات الأوروبية مع الاستيطان، هو استحقاق قانوني دولي استنادا إلى توصيات مجلس حقوق الإنسان العالمي ومجموعة العمل في 2016، كما وردت في الفقرة 117، واستنادا إلى الدعوة لتشكيل قاعدة بيانات للشركات العالمية الناشطة في المستوطنات، كما تم تفصيلها في الفقرة 96 من التقرير المذكور».وأضاف: «لم يعد مقبولا في عالم اليوم وقد تحول العالم من الوجهة المعلوماتية إلى قرية واحدة، أن يواصل العالم تفرجه على الانتهاك الإسرائيلي الصارخ لحقوق الشعب الفلسطيني في أرضه، بطريقة تجلب التوتر وعدم الاستقرار بطريقة يصل تأثيرها العالم أجمع».
copy short url   نسخ
12/08/2016
2194