+ A
A -
ندد حقوقيون أوروبيون بتصريحات وزارة الحج السعودية بخصوص وضع الحجاج القطريين الممنوعين من دخول الأراضي السعودية لأداء فريضة الحج للعام الثالث على التوالي، وتمسك السلطات السعودية بسياسة وضع العراقيل أمام المعتمرين والحجاج القطريين دون غيرهم لأسباب سياسية والمراوغة والمماطلة وترويج الادعاءات الباطلة لتضليل الرأي العام الدولي المعارض للعنصرية التي تمارسها دول الحصار ضد الشعب القطري والمقيمين في قطر من مختلف الجنسيات، بالمخالفة لقرارات الأمم المتحدة والمعاهدات والمواثيق والقانون الدولي، ولتوصيات محكمة العدل الدولية بهذا الشأن واللجان الأممية المعنية، مؤكدين لـ الوطن أن بيانات السلطات السعودية الصادرة مؤخراً بشان الحجاج القطريين تعد تحدياً للمجتمع الدولي وإصراراً على الاستخفاف بالقانون الدولي وبعقول شعوب العالم وبمشاعر الشعوب العربية والإسلامية التي تُنتهك مقدساتهم ومبادئهم للعام الثالث على التوالي.
وقال جان لوك بيتوش، مدير عام منظمة «درات سيفيك» لحقوق الإنسان وعضو تحالف جمعيات حقوق الإنسان في باريس، إن بيان مجلس الوزراء السعودي الصادر، تحت عنوان «الرد على ادعاءات وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية القطرية»، وتخصيص رابط إلكتروني لتسجيل الحجاج القطريين، والترحيب بهم، بيان «عبثي» لم يتضمن أي جديد فيما يخص الاتهامات الدولية للسعودية بتسييس الحج، لم يتضمن أي تفاصيل أو رد منطقي على عشرات الاستفسارات التي وجهتها منظمات حقوقية دولية ولجان أممية للسلطات السعودية بخصوص العراقيل التي تضعها السعودية أمام الحجاج القطريين، مثل غلق الحدود البرية مع قطر، وهو المنفذ البري الوحيد لقطر، وأيضا منع نقل الحجاج القطريين عبر الخطوط الجوية القطرية وإلزامهم بالانتقال من قطر إلى دولة خليجية أخرى قبل التوجه إلى السعودية، وكذلك عدم وجود منفذ أو جهة تتواصل مع شركات السياحة القطرية، والتواصل مع مقدمي خدمات الحج في السعودية مقطوع بأمر حكومي، وأيضا بسبب خشية السعوديين التعامل مع أي قطري، لا سيما مع صدور قرار يمنع التعاطف مع القطريين، ويجرم الاتصال بهم، ويمنع حتى الأسر المختلطة من التواصل، كما لا يوجد قنصلية للسعودية في قطر، كل هذه المعطيات تجعل رحلة الحج أو العمرة مغامرة، في ظل حملات التحريض الإعلامي ضد القطريين التي لم تنقطع منذ بداية الأزمة عام 2017، وبالتالي فإن بيان الحكومة السعودية لم يقدم جديداً، وهو مجرد مراوغة جديدة لتفويت موسم الحج للمرة الثالثة.
تحدٍ سافر
من جهتها، قالت إيزابيل ماريانو جيو، عضو المجلس الوطني الإسباني لحقوق الإنسان بمدريد، إن بيان الحكومة السعودية، يمثل تحدياً سافراً للمجتمع الدولي الغاضب بشدة من الممارسات السعودية ضد القطريين خلال ثلاث سنوات متتالية، تُرتكب خلالها نفس الممارسات الاستفزازية التي لا تفسير لها، إلا أنها استخفاف بالقانون الدولي والمعاهدات والمواثيق، بل سخرية من المجتمع الدولي والمنظمات الأممية، حيث تضمنت لهجة البيان عبارات هزلية مثل تخصيص رابط جديد لتسجيل الحجاج، امتثالا لتوجيهات خادم الحرمين الشريفين بتسهيل خدمة الحجاج القطريين، وهو طبق الأصل بيان العام الماضي، والعام قبل الماضي، لا جديد في الأمر غير عزف وزراء خارجية دول الحصار، وخاصة دولة الإمارات على «لحن الإشادة» بالقرار الحكيم للسعودية، في الوقت الذي يعلم وزير خارجية الإمارات إدانة محكمة العدل الدولية لبلاده بسبب التعنت ضد القطريين ومنعهم من حقوقهم وممارسة التمييز ضدهم حتى الآن، وكذلك تفعل السعودية، وإشادته مثيرة للاشمئزاز، ولا نراها إلا أنها سخرية من المجتمع الدولي، ومن التكتلات والتجمعات والاتحادات العربية والإسلامية التي لم تستطعْ حتى الآن تمكين أشقاء لهم من حقهم في العبادة، المشهد برمته هزلي، وبيانات السعودية كما هو الحال في جميع الأزمات والمشكلات المثيرة لغضب الرأي العام العالمي، وخاصة قضية مقتل جمال خاشقجي العام الماضي، لا تتضمن معلومات ولا جدية فيها، مجرد كلام يفوح تضليلا، سريعاً ما تكشف الأيام أنه «هراء».
لا ضمانات
وأكد رودير كوليتز، أستاذ القانون الدولي بجامعة «هايدلبرغ» الألمانية، أن ما أسمتها وكالة الأنباء السعودية، «مبادرة الحكومة السعودية لاستقبال الحجاج القطريين» حلقة جديدة من مسلسل المراوغة، حتى ولو كانت الإجراءات التي أعلنتها بتسهيل وصول القطريين إلى السعودية صحيحة، فكيف لمواطن دولة مثل قطر شاهد ما حدث مع مواطنين مثله من نهب ممتلكات وانتهاكات متعددة، وصراخ إعلاميين سعوديين فرحاً مع بدء الحصار بأن القطريين جوعى في الشوارع، ثم يتابع منذ بدء الحصار في يونيو 2017 حتى اليوم حملات التحريض والهجوم الغير إلإنساني أو الأخلاقي على الشعب القطري وليس الحكومة أو النظام، بل الشعب كله، وحملات التملص من حقوق القطريين التي انتهكت وسرقت ومازلت حتى الآن، ليصدق بين عشية وضحاها بيان الحكومة السعودية الذي لم يتضمن أي جديد أو يحمل تطمينات للمواطنين، كيف يصدق هذا المواطن أنه لن يُعتقل أو ينكل به، وهل يحق للحكومة القطرية أن تغامر بمواطنيها دون ضمانات؟، وهل لو فعلت ذلك تكون متعاونة مع السعودية وحريصة على مصلحة مواطنيها؟، بالتأكيد الإجابة صعبة، خاصة أن الإحصائيات والتقارير الموجودة لدى لجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة تؤكد أن عدد الانتهاكات التي ارتكبتها السعودية بحق الراغبين في أداء فريضة الحج والعمرة، 165 حالة خلال العامين الماضيين، وأكثر من 120 حالة تجاوز موثقة بحق المعتمرين وزوار الأماكن المقدسة، مثل طردهم من فنادق مكة المكرمة، أو التعدي عليهم على الحدود البرية التي تربط بين قطر والسعودية، وجميع هذه الحالات لم تحقق فيها السعودية ولم تقم بخطوة واحدة تؤكد صدق النية، لذلك فإن جميع الشواهد العملية على أرض الواقع تؤكد أن السعودية تنصب فخاً سياسياً للحجاج، وللنظام القطري قبلهم.
قوانين ومواثيق
بدوره، أوضح باتريك راسل، عضو منظمة هيومن رايتس ووتش لحقوق الإنسان في لندن، أن الإعلان العالمي لحقوق الإنسان المعتمد عام 1948م، وثيقة أممية مُلزمة لجميع الدول الأعضاء من بينها السعودية، وهو ضامن لحقوق الإنسان حول العالم ويكفل المساواة والعدل والسلام لكل البشر، وتنص المادة الثانية منه على حق جميع البشر في حرية العبادة والتنقل، دون اضطهاد أو تمييز أو كراهية أو تحريض، وهو ما ثبت انتهاك السلطات السعودية له خلال السنوات الثلاث الماضية، كما أكدته تقارير أممية حققت في شكاوى دول عديدة من انتهاكات مارستها السلطات السعودية ضد مواطنيها خلال الحج أو العمرة، وهناك شكاوى بخصوص استغلال السلطات السعودية لفريضة الحج والعمرة لأغراض سياسية وتحويل تأشيرات الحج والعمرة لرشاوى تقدمها سفارات السعودية للسياسيين والمواطنين والبرلمانيين في العديد من الدول، وأمام جميع هذه الاتهامات والخروقات للقانون الدولي وللحق في العبادة وضرورة المساواة بين جميع المسلمين، نرى أن بيان الحكومة السعودية بدعوة الحجاج القطريين للحج هذا العام، مدعية أنها مهدت كافة السبل أمامهم، مجرد أكاذيب مفضوحة، حيث لم تتخذ السلطات السعودية خطوة واحدة إيجابية ملموسة يمكن أن يطمئن لها القطريون أو المقيمون في قطر.عواصم - خديجة بركاس - زينب بومديان - خديجة الورضي - نادية الوردي
copy short url   نسخ
23/07/2019
1077