+ A
A -
انتقل إلى رحمة الله تعالى الأستاذ الفاضل سليمان محمد الستاوي كبير من كبار رجال التربية والتعليم، وأحد فرسانها، صاحب همة يتحلى بروح الشباب والعطاء، دوره في تربية الطلاب والشباب وتوجيههم كبير، كان المربي الذي أحب الخير وغرس الخير في تلامذته بأسلوب تربوي مؤثر، كان مربياً بالفطرة والأسوة ونموذجاً للإخلاص والبذل والعطاء وكان يقوم بدور كبير في توجيه الشباب، إنه نموذج من المعلمين والموجهين ورؤساء المواد الذين لا يشيخ علمهم ولا تشيخ أفكارهم، إنهم كالأشجار الواقفة المثمرة صاحبة الظل الظليل، رغم رحيلهم فهم أحياء بيننا بعلمهم، لأنهم رموز للثقافة والفكر والتربية والتعليم ولا يمكننا نسيان هذه الرموز الخيرة التي غرست المثل العليا والحق وهيأت التربة لنا، إنها رموز أصيلة والأصيل يظل أصيلاً لا ينقطع خيره أبداً، أساتذة الزمن الجميل ورموز المرحلة الذهبية في التعليم لا يجيدون الوصولية والازدواجية والبهلوانية والركض وراء المصالح إنهم في قمة الطهارة، طهارة الروح، ونظافة اليد، لا تتعب، لا تنكسر، لا تستسلم للتحديات، وكله في سبيل تحقيق أهدافهم الخيرة.
يقول الأستاذ سليمان الستاوي في بحثه الثري المثري بعنوان الشخصية التربوية ركائز ومقومات والذي نشر سنة 1994 : إننا ما زلنا نعيش أحلامنا وآمالنا في إخراج الشخصية الصالحة وفق معاييرنا نحن ولكنا ما زلنا نستورد في بعض أقطارنا صيغا ليست من استنباتاتنا ولا هي معبرة عن تطلعاتنا، لكي نتحرر حقا من التبعية ولدينا المؤهلات والقدرات والحمد لله فمن البديهي أن نعتمد عل الله، ثم على الكوادر ذات الكفاية العالية والمنتمية لنا، عقيدة وتراثا وإصرارا على التطور الحقيقي الذي نستحق به لا بغيره أن نملك مقدراتنا ونجيد تحويلها لخيرنا نحن، وأن ينطبق علينا مرة أخرى وصف (خير أمة أخرجت للناس) على المستوى الإنساني، ومستوى القيم، لسنا في حاجة إلى خبراء من أميركا أو خبراء صناعة أميركية أو أوروبية وشتان من تلقى تعليماً ودراسة هناك، وبقيت جذوره ممتدة في أرضه الطاهرة، الخصيبة، ومن عاد يحمل اسمه، ويمارس أفعالهم، والأمل وطيد في أن تنجح التربية في تطوير صيغها إلى الأفضل، وتنجح في هدفها الأكبر أي في تكوين الشخصية المأمولة نبتاً أصيلاً تمتد ظلالها لتحنو على الجميع وبرفقة الجميع في تعاون وتنمية للموارد العامة حتى يبادر الأفراد طواعية لإنفاق العفو من المال والفضل من الطاقة والتوجيه وتجنب الأذى.
وإننا لعلى ثقة بحول الله وتوفيقه أن تتدارك التربية عند نجاحها المأمول ما فاتها من أجل أن تسترد دورها العادل لقيادة رشيدة بعيدة عن العنصرية والعدوانية والأنانية وحتى لا تصبح ضحية لنظام عالمي قديمة وجديدة، إن غداً لناظره لقريب أن يقيض للتربية الجادة رجال يكونون بسيرتهم وسلوكهم وليس بمناصبهم تجسيداً لأقوالهم ومقاصد التربية التي يعتلون منصاتها منظرين ومبشرين .
هذا هو الأستاذ الفاضل سليمان محمد الستاوي المعلم والموجه ورئيس توجيه المواد الفلسفية ودراسة المجتمع الشخصية الإنسانية الرائعة وكم نتمنى أن نجد في تعليمنا اليوم مثل هذه الرموز، فإلى جنة الخلد يا أستاذنا إن شاء الله تعالى.
وعلى الخير والمحبة نلتقي
بقلم : يعقوب العبيدلي
copy short url   نسخ
31/07/2016
868