+ A
A -
منذ رآه في سوق واقف، ونظر إليه، تعلق به، فاشتراه وجاء به إلى منزله وارتبط به كل من في المنزل، يقول: إنه أليف، ويصفر، ويتكلم، وقابل للتعلم، يردد كلمات كثيرة وبطلاقة عالية ويمتلك مواصفات عالية، أعاد لأهل البيت الأفراح والليالي الملاح، مرة بالتغريد ومرة بالتجعير الصوت الصاخب ومرة بالتصفير، يقول: يومياً نمازحه ويمازحنا وننشد له: «صوت صفير كاسكو الحلي.. هيج قلبي الثمل.. الماء والزهر معا.. مع زهر لحظ المقل..»، قلوبنا صارت أسيرة «كاسكو».. ألفناه.. عرفناه.. لاعبناه عن قرب، ينعش الروح بأصواته المتعددة، جمال حضوره يرسم البسمة على الشفاه وجمال شعوره ينسيك طغيان الحياة أحببناه ودلعناه و«هشكناه»، أغليناه مثل أعز الناس، وضعناه فوق السواعد، فوق الأكتاف، فوق الرأس، نعرفه ويعرفنا، يكلمنا ونكلمه، نلاعبه ويلاعبنا، يطربنا بأصواته وأنغامه وسيمفونياته الصباحية والمسائية الوجدانية المميزة، يسرنا منظره وشدوه صباح مساء، يهرع نحونا وهو يرفرف بجناحيه يعانقنا ويقبلنا بمنقاره وكأنه يعبر عن عرفانه وامتنانه لكرمنا معه، ترعرعت علاقة الود بيننا، لقاءاتنا مع «كاسكو» لم تكن عادية فيها من الحب والأكشن الكثير، ينادينا بأسمائنا ويحضننا بأجنحته، مشاهد صعب أن تتكرر مع «كاسكو» أو طير آخر، إنه لا ينسى الحنو والعطف الذي نقدمه له، إنه يشكرنا يومياً بشدوه وإنشاده وزعيقه وصراخه وترديده للكلمات والعبارات، يشعر بالراحة معنا ويشعر بالسعادة والأمان والامتنان، إنها لحظات رائعة عندما يثق طائر مثل «كاسكو» بالمرء على هذا النحو.. «كاسكو» لم يكن حنوناً ولا رقيقاً ويتصف بالشراسة في حال الاقتراب منه، لكنه قابل للتعليم، تعلم من أفراد المنزل الحب والحنان والعطف وأجاد وعبر عن كل ذلك بأفضل ما يكون، قضينا مع «كاسكو» لحظات في غاية التأثير حتى في لحظاته الأخيرة، مرض، حملناه للمستشفى للمعالجة وإنقاذه مما ألم به من عارض، تم فحصه ثم حجزه أسبوعاً ثم مات جراء مرضه، لم يكن يوماً عادياً ولا مشهداً عادياً!
لكم الله يا أطفال فلسطين والشام والعراق واليمن وليبيا وأطفال المسلمين في كل مكان، متى تتعالى الدول والأمم بإنسانيتها وتترفع عن أنانيتها ومصالحها لترعاكم وتجبر كسوركم وتجبر بخواطركم وتحتضنكم بالرعاية الصحية وتمنحكم الحياة التي حرمتم أبسط حقوقكم فيها!
إذا كنا زعلنا لفراق «كاسكو» الطائر الذي تعودنا عليه سنوات ونتذكره اليوم، فكم نحن نتألم يومياً ونتقطع على ما يجري لكم وعليكم من إجرام واستبداد وظلم، إننا ننعي الأمة وقياداتها إلا من رحم ربك ووفقها لنصرة الحق واستتباب العدل واستقرار الأمة.
وعلى الخير والمحبة نلتقي..

بقلم : يعقوب العبيدلي
copy short url   نسخ
29/07/2016
1465