تلعب العائلة دورا محوريا في تشكيل حياة الطفل، إذ تعتبر مصدر الدعم العاطفي والاستقرار النفسي المباشر له.
ولكن عندما تكون هناك مشاكل عائلية مستمرة، يمكن أن تنعكس بشكل كبير على الصحة النفسية للطفل وتؤثر على أدائه الدراسي وعلى حياته بشكل عام.
المشاكل العائلية، سواء كانت خلافات بين الوالدين، أو طلاق، أو حتى مشاكل مالية، قد تؤدي إلى أضرار نفسية طويلة الأمد.
عندما يعيش الطفل في بيئة مليئة بالتوتر والقلق بسبب المشاكل العائلية، قد يتطور لديه شعور بعدم الأمان العاطفي.
إذ إن الأطفال غالبا ما يكونون حساسين للتوتر المحيط بهم، وقد يشعرون بالمسؤولية عن هذه المشاكل، حتى لو لم تكن مرتبطة بهم بشكل مباشر.
هذا الشعور قد يؤدي إلى مشاعر القلق والاكتئاب، وأحيانا قد يتطور إلى اضطرابات نفسية مثل اضطراب ما بعد الصدمة (PTSD) أو اضطرابات القلق.
إضافة إلى ذلك، الأطفال الذين يشهدون أو يتعرضون للصراعات داخل المنزل قد يعانون من تدني تقدير الذات، ويجدون صعوبة في التعبير عن مشاعرهم.
كما أن التوتر المستمر داخل المنزل يؤثر أيضا على قدرة الطفل على تطوير مهارات التعامل مع الضغوطات اليومية بشكل صحي.
تأثير على الأداء الدراسي
البيئة العائلية المضطربة تؤثر بشكل مباشر على قدرة الطفل على التركيز والتحصيل الدراسي.
قد يواجه الطفل صعوبة في التركيز داخل الفصل الدراسي بسبب القلق المستمر حول المشاكل في المنزل.
بالإضافة إلى ذلك، الأطفال الذين يعيشون في بيئة مليئة بالتوتر قد يعانون من اضطرابات النوم، ما يؤدي إلى تدهور قدراتهم العقلية والجسدية في المدرسة.
الدعم العاطفي من الأهل يعتبر عنصرا أساسيا لنجاح الطفل الأكاديمي، لكن عندما يعاني الطفل من نقص في هذا الدعم، قد يواجه تدهورا في الأداء الأكاديمي، حيث يشعر بالإحباط واللامبالاة تجاه المدرسة.
انعكاسات على الحياة الاجتماعية
لا تتوقف آثار المشاكل العائلية عند الجانب الدراسي فقط، بل تمتد إلى الحياة الاجتماعية للطفل كذلك.
الأطفال الذين يتعرضون لمشاكل عائلية قد ينسحبون اجتماعيا، ويصبحون أكثر عرضة للشعور بالوحدة داخل المجتمع.
يمكن أن يؤدي هذا الانعزال إلى تفاقم المشاكل النفسية، حيث لا يجد الطفل مكانا آخر للتعبير عن مشاعره.
كما أن الطفل الذي يكبر في بيئة عائلية مضطربة قد يواجه أيضا صعوبات في بناء علاقات صحية في المستقبل.
إذ قد يشعر بالخوف من الارتباط العاطفي أو يطور سلوكيات غير صحية في التعامل مع العلاقات الشخصية.
كيف يمكن دعم الطفل ؟
عندما يواجه الطفل تحديات نفسية نتيجة المشاكل العائلية، يصبح دور الأهل في دعمه بالغ الأهمية لضمان نموه النفسي السليم.
إحدى الخطوات الأولى التي يجب أن يتخذها الأهل هي إدراك تأثير المشاكل العائلية على الطفل، ومن المهم أن يفهم الأهل أن الطفل ليس مجرد مراقب سلبي للأحداث، بل يتأثر بشكل عميق بما يحدث من حوله، لذلك، يجب أن يُظهروا حساسية تجاه مشاعره واحتياجاته النفسية.
التواصل المفتوح والصريح يعتبر من أقوى الأدوات التي يمكن للأهل استخدامها لدعم الطفل في مثل هذه الظروف.
ومن الضروري أن يشعر الطفل بأن لديه مساحة آمنة للتحدث عن مشاعره ومخاوفه، دون أن يشعر بالخجل أو الذنب.
يمكن للأهل أن يبادروا بفتح حوارات هادئة وصادقة حول ما يحدث في الأسرة، مع التأكيد على أن المشاكل العائلية ليست مسؤولية الطفل، وأن حبهما ودعمهما له لن يتأثر بأي ظروف.
إلى جانب ذلك، يجب أن يكون الاستماع الفعّال جزء لا يتجزأ من هذه العملية، إذ عندما يتحدث الطفل عن مشاعره، يجب على الأهل الاستماع إليه بتركيز وتفاعل، دون التسرع في تقديم الحلول أو توجيه الانتقادات.
إضافة إلى الاستمرارية في تقديم الحب والدعم العاطفي التي تشكل أيضا عاملا رئيسيا في تخفيف أثر المشاكل العائلية على الطفل.
من الضروري أن يشعر الطفل بالحب غير المشروط والدعم الدائم، حتى في أوقات التوتر العائلي.
إذ الأهل يمكنهم تعزيز هذا الشعور من خلال الأنشطة البسيطة التي يقومون بها مع طفلهم، مثل قضاء الوقت معه في الألعاب أو الأنشطة التي يحبها، أو حتى تقديم عناق مطمئن يؤكد له أن الأمور ستكون على ما يرام بشكل سريع.