صدرت تصريحات عن رئاسة هيئة أركان الجيش الصهيوني في الرد على نتانياهو، بما معناه أنها تتحفظ على تصعيد الحرب في قطاع غزة، أو مواصلتها، وذلك لأسباب تتعلق بوضعية الجيش عموما، كما من ناحية استدعاء الاحتياط، ولأسباب أخرى بالطبع. وهي تعبّر، من جهة أخرى، عن رأي عام في الكيان الصهيوني، ذهب في أحد الاستطلاعات إلى اعتبار 70 في المائة يريدون وقف الحرب، وإطلاق الأسرى (المحتجزين)، بل وأعلن أن ثمة نسبة أكبر في استطلاعات أخرى.
لكن نتانياهو عقد اجتماعا موسّعا لوزراء الحكومة، بمشاركة الجيش، أُعلن في نهايته عن اتخاذ قرار بتوسيع الحرب حتى القضاء على حماس (يقصدون كل المقاومة)، والبدء بترحيل السكان، وإبقاء القطاع تحت سيطرة الجيش.
ثم أعلن في 6 أيار/ مايو 2025، بأن تنفيذ قرار بدء الهجوم أُجِّل، حتى يعود ترامب من زيارته إلى المنطقة.
قرار التوسّع في الحرب يُفهَم منه أن الجيش الصهيوني، في هذه المرّة، سيشنّ حربا فاصلة لحسم الحرب، وإلّا ما معنى تحقيق هدف القضاء على المقاومة، والبدء بتنفيذ تفريغ القطاع من أهله جميعا.
وهنا يبرز السؤال: ما الذي «بدا» أو تغيّر حتى يكون بالإمكان الحسم؟ بالتأكيد لا شيء ولا جديد، وإنما هروب نتانياهو إلى الأمام، بعد أن فقد كل مصداقية، من حيث عدم تحقيقه ما طرح من أهداف، غير القتل الجماعي (الإبادة)، والتدمير الشامل من جهة، وغير الفشل العسكري من جهة أخرى، ولكن مع العودة بأسوأ سمعة للكيان الصهيوني في نظر الرأي العام العالمي، الأمر الذي شكّل كارثة استراتيجية على الكيان الصهيوني، ومستقبله.
الكيان الصهيوني افتقر قيامه إلى أي شرعية، وقد بذل الكثير، لتشريع وجوده، وتبييض صفحته، وهو ما دمّره نتانياهو تدميرا، وذلك بقتل الأطفال، وحرب الإبادة، وتدمير المستشفيات.
أما من الناحية العسكرية، وبعد قراءة عسكرية مدققة، فماذا يمكن أن يفعله الجيش الصهيوني وقد راح، خصوصا في حربه الثانية، يتجنّب الاقتراب من أي اشتباك صفري، أو حتى من أي تعرّض لضربات المقاومة؟
لهذا ليس أمامه لتنفيذ القرار غير الاشتباك الصفري الواسع، أي محاولة اقتحام الأنفاق، حيث تكمن المقاومة، وهو ما يؤمّن تفوّقا عسكريا تكتيكيا للمقاومة، ويسمح لها هي أن تحسم، إذا ما أصبح الحسم هو التكتيك القادم، لأن الجيش الصهيوني لا يستطيع أن يستخدم تفوّقه في الطيران أو الدرونات، عندما تصبح المعركة صفرية على نطاق واسع، كما لو كانت حرب شوارع.
بكلمة، إن قرار الحسم إذا ما نُفِّذ سيكون وبالا على نتانياهو والجيش، عسكريا، ودعك من مصير الأسرى.عربي 21