.. ويبقى المخيم الفلسطيني عصياً على المحو والانكسار، ويبقى شاهداً وشهيداً على جريمة النكبة المستمرة منذ سبعة وسبعين عاماً، تاه خلالها الشعب الفلسطيني في خيام اللجوء وفي المنافي القريبة والبعيدة، بعيداً عن أرض وطنهم، فقد صمدوا ورسخوا هويتهم الوطنية والإنسانية وناضلوا وما زالوا من أجل حقهم المقدس بالعودة إلى الديار.
لقد شكلت مخيمات اللاجئين عناوين للصمود بصفتها محطات مؤقتة على طريق العودة، ورغم كل هذا الانتماء العميق من أهل المخيم للمخيم، فما هو إلا دليل على إرادة هؤلاء الناس الذين عاهدوا من سبقوهم من الشهداء والمقهورين والمعذبين أن لا يرحلوا من هذه المخيمات رغم كل ما فيها من بؤس وقساوة الحياة وظروف القهر والحرمان إلا إلى ديارهم التي اقتلعوا منها، يربون الأجيال على ثقافة العودة وحق العودة، فإما العودة وإما العودة.
ولقد شكل تعبير «مخيمات اللاجئين» واحداً من أكثر التعبيرات شيوعاً واستخداماً كونها شاهداً على النكبة واللجوء والثورة وغير ذلك من أشكال المعاناة والمقاومة، وقد أثارت مخيمات اللجوء العديد من الأسئلة حول مصير هذا المكان المؤقت والتحولات التي طرأت على حياة سكانه في التنظيم والخدمات والاهتمامات، وفيما إذا لم يزل المخيم يجسّد حقّ العودة في ظل هذه التحولات الكبرى داخله وخارجه.
تحاول إسرائيل دائماً محو هذا الشاهد على جريمتهم التي أرادوا أن يكون ضحاياها شتاتاً ممزقاً وليس حضوراً مكثفاً، ومن هنا يأتي إصرار الاحتلال على التدمير الممنهج للمخيمات الفلسطينية في إطار رؤيته للقضاء على رمزية وهوية المخيم وصورته الماثلة أمام شعبنا وأمام العالم، بما في ذلك إنهاء عمل وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «الأونروا» في داخل المخيمات وفي خدمتها تجاه عموم اللاجئين وَفقاً للقرار الأممي الذي حدد في خدمة اللاجئين إلى أن يتحقق حقهم بالعودة وَفق القرار 194 وهذا الحق الثابت، الفردي والجماعي الذي لا يسقط بالتقادم.القدس الفلسطينية