كشفت منظمة «كسر الصمت» الحقوقية العاملة في فلسطين المحتلة، في تقريرها الأخير عن شهادات مفصلة قدمها جنود صهاينة، توثق عمليات تدمير منهجية للأراضي المحيطة بقطاع غزة. تهدف هذه العمليات إلى إنشاء ما أطلق عليه التقرير مصطلح «منطقة قتل»، وهي عبارة عن مناطق عازلة تمتد على امتداد الحدود بهدف فرض سيطرة عسكرية مُحكَمة.
تواصل دولة الاحتلال -وفقًا لنمط متكرر في مناطق النزاع- استراتيجية إنشاء مناطق عازلة بشكل ممنهج. فقد استحدثت في الآونة الأخيرة منطقة عازلة تحيط بقطاع غزة من الجهات الشمالية والشرقية والجنوبية.
ويوثق التقرير -استنادًا إلى شهادات الجنود- طبيعة الأوامر العسكرية التي تلقوها: تعليمات صريحة بإنشاء منطقة خالية تمامًا، شاسعة ومجردة من أي معالم للحياة. وتكشف الشهادات عن توجيهات وصفها التقرير بالصادمة: «دمّروا كل شيء» - وبلغت حدة الأوامر العسكرية درجة تقضي بإطلاق النار على أي متحرك في المنطقة، دون أي اعتبار لهويته أو جنسه أو عمره.
تبرز من بين الشهادات المقدمة، رواية أحد الجنود الذي نقل عبارة سمعها من قادته: «لا يوجد أبرياء في غزة». ويستطرد الجندي واصفًا مشهدًا مؤلمًا: «شاهدت رجلاً يحمل كيسًا... كان يتضور جوعًا. دخل إلى المنطقة العازلة لمجرد قطف بعض نبات الخُبّيزة البري ليسد رمق جوعه، لكن أحد القناصة من الجيش أطلق عليه النار على الفور وأرداه قتيلًا».
ويروي جندي آخر شهادة مروعة: «ذهبتُ إلى هناك بهدف القضاء عليهم... ولم نكتفِ بقتلهم فحسب، بل امتدت أيدينا إلى نسائهم وأطفالهم، حتى حيواناتهم الأليفة من كلاب وقطط، ودمرنا منازلهم بالكامل، بل وتعمدنا تدنيس قبورهم بالتبول عليها».
إن الإبادة الجماعية المتواصلة في غزة منذ ما يزيد على عام ونصف العام لا تُفسَّر من خلال ادعاءات الأمن، ولا من خلال مزاعم تحرير المحتجزين. إنها في جوهرها مشروع استيطاني أبيض متكامل الأركان، غايته الأساسية الاستيلاء على الأرض واستنزاف ثرواتها، مع تصفية سكانها الأصليين بشكل ممنهج.الدستور الأردنية