+ A
A -
أكرم عطا الله كاتب فلسطيني

تتصاعد الفوضى التي تشهدها إسرائيل وصراع السلطات الذي أعاد نفسه في جلسة المحكمة الإسرائيلية العليا، فقد قررت تجميد قرار رئيس وزراء إسرائيل بإقالة رئيس جهاز المخابرات العامة لتبرز الصراع الذي تراجع خلال فترة الحرب بعد أن شغل عناوين الصحف الإسرائيلية والعالمية على امتداد عام 2023 ـ فقد شهدت المحكمة أبرز تجليات هذا الصراع لكن ما حدث في قاعتها كان مدعاة للتوقف.

بعد انتخابات تشرين الثاني 2022 تشكلت الحكومة الأكثر يمينية التي وجدت بالأغلبية التي حصلت عليها فرصة لإعادة تشكيل الدولة وفقاً لقيم اليمين لتُنهي عصر الدولة العميقة، وكان لا بد لها من ضرب سلطة القضاء لتحويل صلاحيات إعادة التشكيل للحكومة دون اعتراض، وهو ما دعا الشارع الإسرائيلي للتظاهر كل مساء سبت ضد ما أسمته الحكومة بإصلاح القضاء التي أعلنها وزير العدل ياريف ليفين.

لا بد وأن نعترف أن القوة العسكرية هي خلاصة مجموع القوة في المجتمعات من قوة اقتصادية وثقافية وعلمية وقانونية، وقوة الفصل بين السلطات وقدرة أي سلطة على ممارسة صلاحياتها تحت سقف القانون، وأن القوة العسكرية هي انعكاس للدولة التي تبني الفرد وتحمي حقوقه بالقانون والقضاء الذي يقف حارساً على بوابات كرامته، خوفاً من تعسف والحكومة وأجهزة الأمن في استخدام السلطة والتغول في ممارستها.

«تنتهي السلطات جميعاً عند باب المحكمة حتى لو كانت محكمة صغيرة» هكذا يقول رئيس المحكمة العليا للوزراء المنتخبين ليعرفوا حجمهم وحجمه، «القضاء لا ينافس على السلطة بل يراقب ويدقق في كيفية ممارستها»... هكذا كان يعطي اسحق عاميت درساً في استقلال القضاء وفصل السلطات وقوة القانون كمنظومة تم ترسيخها مجدداً في تسعينيات القرن الماضي على يد القاضي أهرون باراك، وهو الأمر الذي اكتشفته الطغمة القومية الدينية المنفلتة، معتقدةً أن الانتخابات تخولها أن تذهب للحد الأقصى في ممارسة السلطة وفقاً لبرامجها وسياساتها ورؤيتها الخاصة فوق القانون. الحالة الفلسطينية المحطمة تدعو للرثاء، فقد تكامل الخراب ليحيطها من جهاتها الأربع، فقد فشلنا في بناء منظومة تؤسس لدولة، ولم يكن القانون ولا القضاء بأي درجة من الاحترام، لذا فشل في حل نزاعات الفلسطينيين مبكراً لتنتهي الحالة بانقسام أسّس للإطاحة بكل القضية ولقرارات فردية نتجت عن تغول السلطة التنفيذية وتفردها بالسلطة والصلاحيات، هذا حدث في الضفة وغزة، ومازلنا نسأل بسذاجة لماذا نحن هكذا؟الأيام الفلسطينية

copy short url   نسخ
13/04/2025
5