+ A
A -
خالد وليد محمود
باحث دكتوراه في العلوم السياسية
يعود آذار، فيستبدّ بي الحنين إلى مرابع الصبا وإلى شذا المكان وعطر الأيام، عندما تعانق الروح الشوق على حين غفلة، وحين تعانق الأرض السماء بنوّارها وزهورها، حين تداعب الشمس زغب العصافير، فتولد حياة جديدة،..إنه آذار ملك الشهور والتوقيت «الأمومي» مسقط رأس الحياة، ربيع الشهور بصيغة المذكر الغارق حتى أذنيه بعبير ربيع التأنيث. عاد آذار حاملاً لقلوبنا ازدحام الحنين والسكون الذي ينام على ألف عاصفة اشتياق.
كالعادة، في الحادي والعشرين من آذار أتوه في اختيار افتتاحية مقال، ترتبك الجُمل وتحتار الحروف، أعجز في الكتابة عن«يوم الأم».. كيف لا ورحيلها مازال يرتسم في ذاكرتي ويحمل في زوايا القلب جرحا غائرا وطابعا شجيا.. ألا يفتح رحيل الأمهات دفاتر الذكرى وشبابيك القلب على الماضى؟ ألا تتشابك الأحداث وتتلاشى السنين، لينساب خيط الشوق والحنين؟
أمي أيتها الحاضرة بكل تفاصيلها، أكتب إليك وأنا أتجاهل الروزنامة ومحطات الراديو كي لا تفاجئني ألحان «يا مو» و«ست الحبايب»... فخلف هذه الأغنيات يقبع وجع لا ينتهي لشخص فقد أمه في ربيع عمرها، فثمة شجن أسطوري وألحان تحفر داخل المشاعر المتدفقة وذكريات الطفولة المبكرة وخطوات التعثر الأولى...صار اللحن يا أمي يهزمني ويرميني على حافة الحزن، والشوق يؤلمني كلما تذكرت لحظات رحيلك.
رغم غيابك أيتها الغالية، أجدد لك في يومك العهد بأروع تجلياته، ستظل أشياؤك كل أشياؤك ذكرى لنا وستبقى أسئلتك الأولى خالدة تسكن أعماقي، وصورتك لا تغادر الذاكرة مهما تقادم الزمن وتعتّق العمر.
أمي، يا سيدة العمر الأولى، أيتها الراوية والرواية، الحكاية والحكاية،أيتها السنديانة الشامخة الخاشعة في حضرة المهابة والحاضرة في زحمة الغياب.. سأبقى الطفل الوفي الذي سيكتب لك وعنك، كل الأيام لك حتى ترضي.. وكل عام وغيابك يملأ الدنيا اشتياقا، كل عام وأنت بخير[email protected] -
copy short url   نسخ
21/03/2022
1931