+ A
A -
داليا الحديدي
كاتبة مصرية
الرومانسي يحتفظ بسيارة والده وينظفها ويفحصها بين الفينة والأخرى دون استخدام، أما سيارته فيقرضها للمعارف، كما يَصُفّ مركبته بالوجه، وساعة الخروج، يحلها الحلّا، أما البخيل فيرفع سيارته ولا يستخدمها سوى في المناسبات ولا يتحرج في طلب توصيلة من المعارف، فيما يعشق العملي قيادة أقوى أنواع السيارات ويثمن رباعية الدفع «واللامبورجيني»، بينما العملي الأرثوذوكس يخصص عربة «2 سيلندر» تشم البنزين لمشاوير السوق، كما أنه ضليع بوسائل صيد «اليورو» وتنميته، لكن لا يعنيه التكنيز بل يقبل بالشِراكة إن آمن للشريك، ومفطور على المجازفة، فضلًا عن تمتعه برؤية مستقبلية، فهو يخطط لغده، وقد يقرض بيساريا لصيد حوت، فليس مستحيلًا أن يعير سيارته، كما يخطط لصف مركبته بالظهر ليُيَسر لنفسه عملية الخروج بوجهه لاحقًا.
البخيل يهدهد الفلس فيؤاخي الخمسات ويتوئم العشرات ويجاور المئات ويسكر عليهم بأستيك ثم يفركهم لسماع صوت تضاربهم في الهواء، لذا فلا يضع ماله في البنوك لابتهاجه بمطالعة الأوراق النقدية، كما يُنزفه الإنفاق لكنه غير متكالب على تنمية أمواله ولن يجازف بمدخراته بالزج بنفسه في مشاريع، ورافض للشراكة، وخططه تنحصر في تأمين الموجود.
أخي الرومانسي، ينتشي بالصرف، ولا يدخر للورثة كما لا يتألم لخسارة المصاري، وقد يخطط للنجاح -فقط- للانتقام لكرامته.
يدرس العملي القوانين الكونية ويطبقها للاستناد عليها للنجاح كما يدرس ذهنية الناجحين وقراراته حدسية وسريعة لتدربه على نمط تفكير منطقي.
-قرارات الرومانسي حدسية لكن بطيئة ويمنح المزيد من الفرص على حساب مشاعره لذلك حين يرحل ينهي العلاقة بقناعة.
لا قرار للبخيل سوى الإمساك والباقي شكليات.
إقبال العملي على القراءة يصنف إقبالًا كميًا، كونه يعد الاطلاع من إنجازات يومه التي يفاخر بها.
إقبال الرومانسي على القراءة نوعي، كما يمنح لنفسه وقتا للتفكر والتدبر والتحليل والاستنباط في مطالعاته.
أما البخيل، فثقافته سمعية وبصرية ولا يجهد نفسه في التحليلات.
يكتب العملي بخط الرقعة، أما الرومانسي فقد يرقع أو ينسخ، لكنه مفتون بالخط الكوفي والأندلسي، فيما ينسخ البخيل بشكل منمق.
العملي يَقِظ للوقت، فمواعيده دقيقة ولن يسفح دقائقه هاتفيَا إلا لدواعي المصلحة والعلاقات العامة -ثم- الإنسانية، وبتّار في قدرته على إنهاء المكالمات، عوضًا عن أنه أوعى من إجراء الاتصالات الدولية إلا للضرورة، وعقله لا يستوعب لجوء البعض للمهاتفة فيما يستطيعون التواصل عبر التطبيقات المجانية، ولا ينزعج من ضعف الخطوط، بل إن بعضهم يقوم بضبط الإعدادات في الجوالات لإنهاء المحادثة تلقائيًا عقب ثلاث دقائق في حالة اتصالهم، وخمس عند استقبالهم لاتصال.
لن يتصل البخيل أساسًا، لا أرضي ولا جوال، لا محلي ولا دولي فهو متلقٍّ فحسب.
الرومانسي يبادر بالتواصل ويطيل المحادثة.
العملي مكافئ.
لا يتمسك العملي بضيفه إلا بتظاهر شكلي، وإن فعل ذلك بلسانه، فهو أحرص على أن تسانده باقي الجوارح على الإنكار، فيضع ضيفه بمقعد مقابل باب الدار ليحفزه على الانصراف، أو يلجأ للتثاؤب والتثاقل وتجنب التقاء الأعين، ولا يتوارى عن مطالعة ساعته كرسالة للضيف أن «ارحل».
بالمقابل، يغلق الرومانسي باب داره بالمفتاح على الضيف وإن كان مرهقا.
أما البخيل فلا يستاء من طول بقاء الزائر، كونه لن يجهد نفسه في ضيافته، عدا أنه غير معني بقيمة الوقت.
الشخصيات العملية إيجابية ولا يسيئها مكسب الشريك بل ترحب بالربح الجماعي، لإدراكهم أن النجاح تبادلي ومشروط بالخدمات التي يقدمونها للآخرين.
البخيل، أناني ويعنيه الانفراد بالملعب، ويرى في مكسب سواه خسارة له.
الرومانسي لا يتكالب على «البت كوين» بل يتقبل الخسارة المادية بأريحية.
العملي يهادن، يسايس، يقايض ويصالح، فالمصالح تتصالح وهو الأصلح للعمل السياسي والتجاري لقدراته التفاوضية العالية.
لا يصالح البخيل ولا يقايض، لكن يتصالح بجزرة أو خشية ضياع قشور الجزرة، ومناسب لروتين الوظيفة الحكومية، فهو مصفر من الإبداع أو الخلّاقية.
الرومانسي يصالح ولو كان مظلوما، أو يقبل الصلح لدواعٍ نفسية، إلا أنه لا يهادن ولو قايض فمزحًا. وهو بلا منازع أكثر الشخصيات إبداعاً في العمل الفني والأقدر على رسم البورتريهات كونه يلتقط تفاصيل الروح وجبّارا في تجسيد الشخصيات المركبة.
copy short url   نسخ
12/03/2022
1904