+ A
A -
حمد حسن التميمي
في عالمنا البشري، هناك من يتحمل مسؤولية حياته بكل ما فيها من نجاحات أو إخفاقات، ومن يعتبر أنه ضحية الناس والظروف الخارجية، فيحمّل فشله على شماعة الوسط المحيط بدلاً من أن يتعلم من أخطائه ويكون مسؤولاً عن نجاحه أو فشله.
هناك فرق شاسع بين العقليتين، بين من يقع ثم ينهض ليستكمل مشواره، وبين من يقع فيقعد عن الحراك دون فعل أي شيء. أما الواقع، فهو أن غالبية البشر ممن يخفقون في تحقيق أهدافهم وأحلامهم هم من الفئة التي تستسلم عند أول مصيبة ويصور أصحابها أنفسهم في كل محفل أو مناسبة على أنهم ضحايا.
عندما تقرر وتؤمن أن نجاحك مرهون بما هو خارج عن نطاق تحكمك، فأنت تحكم على نفسك بالفشل قبل أن تبدأ الرحلة؛ لأنك مستعد قبل خط الانطلاق من أن تلقي باللائمة على أي حدث خارجي لتبرير سقطاتك وأخطائك وتراجعك، أو عدم استكمالك الطريق عندما تعترضك التحديات والعراقيل.
إن النجاح يتطلب من الإنسان الصبر والكفاح في سبيل ما ينشده، ولا يتحقق بين ليلة وضحاها، بل يحتاج إلى الكثير من الوقت والجهد، إلى جانب الإصرار الذي لا يلين والقدرة على تحمل الأحداث غير السارة، والمضي قدماً رغم التجارب السلبية التي لا بد أن يمر فيها كل شخص يطمح إلى تحقيق إنجاز ما في هذه الدنيا.
لا توجد قمة في هذا العالم من دون طريق صعب عليك تجاوزه وصولاً إليها، ولا يرقى إلى الصدارة سوى الذين يتحملون مسؤولية رحلتهم، لا أولئك الذين كلما ألمت بهم مشكلة أو مصيبة ألقوا باللوم على كل ما حولهم ما عدا أنفسهم.
في كثير من الأحيان، نظن أن إخفاقنا سببه ظروف خارجية، لنكتشف فيما بعد أننا السبب فيما حدث. ولا يمكن أن نتوصل إلى هذه الحقيقة إلا إذا تمتعنا بالشفافية والصدق مع النفس. أما من لا يلوم ذاته على أي أمر يحصل له، فلن يرى غير الصورة التي رسمها وأقنع نفسه بها، بدلاً من أن يرى الواقع كما هو.
إنك لن تتجاوز تحديات الحياة وأنت تتنصل من المسؤولية وتتذرع بالمبررات والحجج بغض النظر عن صحتها. فالحياة لا تقيم وزناً لأسبابك، إنها تمضي ولا تنتظر أحداً ولا ترحم المتقاعسين الذي يبددون أوقاتهم وجهودهم عند أول تحدٍّ يلوح أمامهم. نعم هي أحياناً كثيرة، لأن الغاية منها هو أن نتعلم كيف نسمو بعقولنا، ونرتقي فوق مخاوفنا، ونتحدى أنفسنا بدلاً من الاستسلام والتقهقر وتحميل الظروف والآخرين مسؤولية حياتنا.
فإذا أردت واقعاً مختلفاً عن الذي تحياه الآن، تخلص من أي إحساس يجعلك تعتقد أنك ضحية؛ لأن هذه المشاعر السلبية تستنزف الطاقة وتجعل المرء يشعر أنه عاجز عن فعل أي شيء. فكيف تتغلب على الصعوبات وتحسن حياتك وأنت تظن كل لحظة أنك مجرد ضحية لا حول لها ولا قوة؟!
في اللحظة التي تحرر نفسك من هذه الأحاسيس الدونية، تبدأ في إدراك حقيقة أنك المسؤول الأول والوحيد عما يجري في واقعك من نجاح أو إخفاق. صحيح أن بعض الناس قد يتصدون لمحاولاتك ويحاولون عرقلتك، وأن بعض الظروف قد تحول بينك وبين الوصول إلى غاياتك بشكل مؤقت، لكن لا شيء يمكنه أن يمنعك من تحقيق النجاح بشكل دائم.
كثير من الأشخاص الناجحين فشلوا عشرات المرات إلى أن حققوا أهدافهم في النهاية بفضل إيمانهم بأنفسهم وبأنهم قادرون على تحدي أمواج البحر العاتية، بينما فشل غيرهم ممن آمنوا بأنهم ضحايا الحظ التعِسْ أو أي شيء خارج حيز سيطرتهم.
آمن بنفسك، وتحمل مسؤولية حياتك بالكامل، وتخلص من تفكير الضحية، لأن ذلك هو الخطوة الأولى على طريق السعادة والنجاح. هكذا نجح الكثيرون على امتداد التاريخ البشري حتى يومنا هذا، وهكذا سيكون الحال إلى أبد الدهر، فذلك من نواميس الكون التي لا تتغير. من يؤمن بنفسه ويكون مسؤولاً عن نجاحه أو إخفاقه على حد سواء، ينجح في نهاية المطاف مهما كانت العقبات التي تعترضه.
copy short url   نسخ
03/03/2022
1144