+ A
A -
حمد حسن التميمي
بلوغ النجاح وتحقيق الحرية المالية حلم يداعب مخيلة الكثيرين، بيد أن قلة من البشر يحولون أحلامهم إلى واقع ملموس، ذلك أنهم مستعدون لتقديم التضحيات، وبذل كل ما يتطلبه الأمر حتى يصلوا إلى الوجهة التي ينشدونها. يضاف إلى ذلك أن تلك الفئة من الناس تتمتع منذ نعومة أظفارها بقدرة كبيرة على التركيز والعمل لساعات طويلة يوميّاً، فضلاً عن امتلاك أصحابها لعزيمة تمكنهم من المواظبة على أي هدف يسعون وراءه.
في المقابل، يكابد معظم الناس في سبيل الالتزام بما عقدوا العزم عليه، وتبوء محاولات أغلبهم بالفشل الذريع، حيث يظنون أن بالإمكان الانتقال من حال إلى حال بين ليلة وضحاها. فترى شخصاً لم يقرأ في حياته كتاباً واحداً يقرر في أحد الأيام أنه يريد أن يصبح مثقفاً ويكتسب الكثير من المعارف التي تعينه على التميز في حياته الشخصية والعملية، فيستيقظ في صبيحة اليوم التالي عاقداً العزم على القراءة لما لا يقل عن ساعة كاملة.
وبعد يوم أو يومين أو أسبوع يفقد عزيمته وتخونه إرادته فيلقي الكتاب جانباً ويرجع إلى عاداته القديمة. وآخر يريد الإقلاع عن تناول السكر المصنع لما يعانيه بسبب فرط تناوله له، فتراه يقطع أي مصدر للسكر فجأة، ليقع في نفس المشكلة خلال فترة وجيزة، ويعود إلى تناول الحلويات بكميات أكبر مما كان يفعل قبل أن يشرع في تنفيذ خطته.
إن مثل تلك الإخفاقات المتكررة تحدث مع العديد من الناس حول العالم بصورة شبه دائمة. ويرجع السبب الرئيسي في ذلك، إلى محاولة تغيير العادات بسرعة كبيرة تحرم عقولنا من لذة اعتادت عليها، فتكون النتيجة بحكم التركيب البيولوجي للدماغ هي محاربته للتغيير الفجائي ذاك، وبالتالي رجوعنا إلى السلوك أو العادة السابقة، التي نجد فيها الراحة والمتعة.
أما الأسلوب الأمثل لتغيير العادات أو اكتساب مهارة أو خبرة ما، فهو التدرج والبدء في التعلم بمقدار صغير. فبدلاً من قضاء 20 ساعة وأنت تفكر في فعل شيء ما، أو تقول لنفسك: «سأخصص 20 ساعة لتعلم المهارة الفلانية»، اقضِ كل يوم 20 دقيقة فقط في تعلم ما تريده بشكل فعلي.
إن هذا الأسلوب الذي يقتضي تبسيط العمل المراد القيام به وتقسيمه إلى أجزاء صغيرة، يسهل عليك العملية برمتها ويزيد قدرتك على الانضباط والالتزام. إن عقولنا مصممة على تجنب الألم والابتعاد عن كل ما يحتاج إلى بذل طاقة فكرية وجسدية كبيرة، والركون إلى الراحة والاسترخاء، إلى جانب التهرب من الأعمال الكبيرة. أما من خلال التعلم لـ 20 دقيقة بشكل منتظم، فأنت ترسل رسالة إلى عقلك بأن كل ما عليه فعله هو التركيز خلال هذه المدة الوجيزة فحسب، ثم العودة إلى الروتين المعتاد.
بالتالي، يمكن لهذا التكنيك البسيط تحريرك من حالة الخوف والملل، الذي قد ينتابك لمجرد التفكير في أن عليك بذل مجهود كبير في سبيل اكتساب مهارة معينة، فتقدم على ما تريده بعزيمة وتركيز شديدين. تأكد أنه بعد تطبيقك لهذه الاستراتيجية الفعالة، ستشهد تقدماً ملحوظاً سيزيدك حماسة لتعلم المزيد، في حين كنت فيما مضى تعاني كثيراً كلما حاولت إلزام نفسك بتعلم شيء ما لساعات طويلة كل يوم.
في السياق ذاته، يمكنك أن تحصل على مزيد من النصائح القيمة من خلال قراءتك لبعض الكتب المهمة التي تتطرق بتفصيل أكبر إلى كيفية التخلص من عادة المماطلة والتسويف واكتساب القدرة على تعلم أي شيء تريده، مثل كتاب «عادات صغيرة» للمؤلف ستيفن جايز، وكتاب «معادلة التسويف» للكاتب بيرس ستيل. فابدأ من الآن في تخصيص 20 دقيقة كل يوم لأي شيء تريد اكتسابه، واشهد بنفسك مدى التقدم الذي ستحققه.
copy short url   نسخ
02/02/2022
871