+ A
A -

خلال مداخلة تلفزيونية، أكد الرئيس الفرنسي ماكرون عزمَه على فتح النقاش الاستراتيجي حول توسيع قوة الردع النووية الفرنسية نحو القارة الأوروبية. وهو خطاب يأتي ردة فعل على الخطوات الأميركية القوية التي اتخذها الرئيس ترامب تجاه الحرب في أوكرانيا بالتماهي الصريح مع الموقف الروسي، وهو ما اعتبرته أوروبا خيانة من الحليف الأكبر.

اختلفت التفاعلات مع هذا التصريح ففي حين اعتبره البعض إجابة عن الدعوة التاريخية التي أطلقها المستشار الألماني الجديد «فريدريش مادز» قبل المداخلة بأسبوع، رأى آخرون أن هذه التصريحات ليست إلا دفعا للحرج الأوروبي ولا قيمة عملية لها أمام الترسانتين الروسية والأميركية. لكن تصريحات الرئيس الفرنسي ليست جديدة فقد أعلن منذ 2020 عن ضرورة التفكير في عملية إدماج كبرى بين قوات الردع الفرنسية والأوروبية، وخاصة ما يتعلق بالمظلة النووية التي تحتاجها ألمانيا بشكل خاص.

أما خبراء التسليح والدفاع في أوروبا وفرنسا فقد اعتبروا الأمرَ مزايدة إعلامية؛ لأن قوة الردع النووية تحتاج لتفعيلها قرارا موحّدا ولا تتطلب موافقة خمسة عشر عضوا كما هو الأمر في الحالة الأوروبية. هذا إضافة إلى الفارق الكبير جدا بين قوة الردع الروسية (أكثر من 1700 رأس نووية) من جهة وقوة الردع الفرنسية (290 رأسا) من جهة أخرى.

لكن إذا كان يمكن تفهّم موقف الدول الإسكندنافية وموقف بولونيا بسبب قربها من المجال الروسي وخوفها من الاجتياح يوما ما، كما حدث مع أوكرانيا، فإن موقف بقية الدول الأوروبية يبقى مترددا باستثناء ألمانيا التي تطمح في الحصول على مزايا السلاح النووي الذي حرمت منه بعد الحرب العالمية الثانية.

هذا الواقع الجديد داخل الفضاء الأوروبي يعكس أزمة مؤسساتية كبيرة بعد الصفعة التي تلقتها الدول الأوروبية من الحليف الأميركي في الملف الأوكراني. كما يكشف كيف تحولت أوروبا إلى رهينة بين المصالح الأميركية والأطماع الروسية وهي التي لا تزال تحصد صراعاتها القديمة التي تسببت فيها الحربان العالميتان: الأولى والثانية.

copy short url   نسخ
13/03/2025
35