+ A
A -
حمد حسن التميمي
العلاقات الاجتماعية والمهنية ضرورية ومهمة جدّاً في حياة كل منا؛ لهذا يقال على لسان علماء الاجتماع والنفس بأن الإنسان كائن اجتماعي بالفطرة، لا يستطيع العيش بمفرده. وهذا واحد من الأسباب الرئيسية في أننا نحيا اليوم ضمن مجتمعات.
إن الحياة لا تتكامل والنجاح لا يتحقق، إلا بتكاتف الجهود والعمل جنباً إلى جنب. فنحن في نهاية المطاف بحاجة إلى الآخرين كما تحتاج الشجرة إلى الماء، والأرض إلى شمس، والخلائق إلى الهواء.
وخلال مسيرة حياتنا الطويلة نسبيّاً، لا بد أن نلتقي على طول الطريق بالعديد من الأشخاص في مختلف المواقف. بعضهم يمرون بنا مرور الكرام، وآخرون نبني معهم جسور الصداقة، ونمد بيننا وبينهم خيوط المحبة والارتباط. من هنا تنشأ العلاقات بمختلف أشكالها، والتي تلعب بعد ذلك دوراً مهمّاً في إيذاء أو تعزيز صحتنا النفسية والفكرية، وحتى الجسدية أحياناً.
لكن، هل كل العلاقات مفيدة وضرورية أم أن بعضها نقمة علينا وعلى وجودنا؟ في الحقيقة، إن العثور على صديق حقيقي أمر نادر لأبعد الحدود، خصوصاً في عصرنا الحالي الذي يتسم بتفشي المادية والسطحية وانحسار القيم الأخلاقية النبيلة والمبادئ الإنسانية السامية، إلى جانب اضمحلال المعرفة وانتشار الجهل والتخلف والتعصب الفكري.
نعم صحيح، بلغنا من التطور، لكن عقولنا كمجتمعات في تراجع مستمر. وصلنا إلى القمر، لكننا أصبحنا نعاني الوصول إلى قلوب بعضنا البعض. شيدنا المدن والأبراج والجسور الطويلة وأصبحت مهمة مد جسور التآخي والإيثار والعطاء فيما بيننا أصعب من أي وقت مضى.
من هنا، كان لا بد أن يعي إنسان العصر الراهن أهمية اختيار من يصادق ومن يحب، فلا يدع قلبه ريشة في مهب الرياح، ولا يبيع عقله للمحتالين والمستغلين؛ فيصدق كل كلمة ويثق بمن ليس أهلاً للثقة، ويقترن بمن يدني من شأنه بدلاً من الاقتران بمن يرفع من قيمته.
فإذا كنت في علاقة صداقة، اسأل نفسك: هل أنا الآن في علاقة صحية؟ هل أشعر بالسعادة وأتقدم على طريق النجاح من الناحية النفسية والاجتماعية والعلمية؟ أم أعيش في أجواء من التعاسة المستمرة والإحساس بضعف التقدير الذاتي ولا أتقدم على المستوى الفكري والعلمي قيد شعرة؟
إن بعض العلاقات ترفعنا إلى سابع سماء، وتزرع في قلوبنا حب العطاء والمعرفة. وبعضها الآخر تأخذنا إلى الدرك الأسفل، وتسبب تراجعنا على المستوى الروحي والفكري. لهذا، عليك أن تفكر مليّاً فيما تقدمه لك أي علاقة تخوضها. هل تزيدك بهجة ونجاحاً، أم تؤذيك من نواح عديدة.
فإذا كنت في علاقة مؤذية، لا بد أن تعي جيداً أنها إما أن تنهيك أو تنهيها بنفسك قبل فوات الأوان. وهذا لا يعني نكران الجميل والتخلي عمن تحب ونكث الوعود؛ فلا يفعل ذلك سوى المخادعون واللاإنسانيون. بل يُقصد بذلك أنك إذا كنت تصادق من يتعمد إيذاءك من نواحٍ عديدة ولا يسمح لك بالتقدم والارتقاء، أو تحب من يجعلك بشكل شعوري أو لا شعوري تتصرف بطريقة سلبية، ويحد من نموك الروحي وتطلعاتك في الحياة؛ فقد حان الوقت لوضع نهاية لها.
أي علاقة تتأكد أنها لا ترفع مستواك على الصعيد النفسي والاجتماعي والعلمي، ولا تزيد من قيمتك وتقديرك لذاتك، لا تتردد في إنهائها فور صدور موقف يستحق وضع حد أخير ونقطة نهاية لتلك العلاقة. فبعض العلاقات إذا استمرت زادت تألقاً ونجاحاً وسعادة، وبعضها الآخر لا يستحق منك سوى وضع نقطة لإنهاء السطر وطوي الصفحة.
copy short url   نسخ
12/01/2022
1013