يشكل إقدام الاحتلال الإسرائيلي على قطع الكهرباء عن قطاع غزة، انتهاكا سافرا للقانون الإنساني الدولي، وهو يؤكد في أحد وجوهه أيضا عدم رغبة حقيقية في إنهاء العدوان على غزة، وكأن ما تعرَّض له القطاع من تدمير وقتل وفظاعات لم يكن كافيا، فما نراه لا يصدقه عقل، ولا يقره صاحب ضمير، فهو قتل من أجل القتل، وتدمير لأجل التدمير، وجرائم يندى لها الجبين.
إن سياسات الاحتلال الإسرائيلي القائمة على حصار الفلسطينيين في قطاع غزة، ومنع وصول المساعدات الإنسانية إليهم، والتي توجتها بقطع الكهرباء، كلها أفعال إجرامية تدل على مدى سادية الاحتلال ورغبته في القتل والتدمير لمجرد القتل والتدمير، وكل ذلك يهدف في نهاية المطاف إلى فرض التجويع وتفجير الأوضاع في القطاع.
يتكاتف المجتمع الدولي ويتحرك بشكل عاجل لتوفير الحماية اللازمة للشعب الفلسطيني، ثم الدفع باتجاه سلام عادل وشامل يلبي الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني الشقيق، بما في ذلك إقامة دولته المستقلة على حدود عام «1967»، وعاصمتها القدس الشرقية، لكن ذلك يحتاج أولا إلى وقف الجريمة المروعة التي تتوالى فصولا في قطاع غزة والأراضي الفلسطينية، ثم الانخراط في محادثات جادة من أجل تحقيق السلام، وكل ذلك لن يحدث ما لم يتحرك المجتمع الدولي بجرأة وقوة، وما لم يفرض عقوبات قاسية على سلطات الاحتلال لإجبارها على الانصياع للسلام.
إن قطع الكهرباء عن قطاع غزة جريمة موصوفة ما كانت لتحدث لو أن تل أبيب شعرت للحظة واحدة بأن المجتمع الدولي يمكن أن يتدخل لمنعها، لذلك تستمر في جرائمها على نحو ما نرى ونشهد.