+ A
A -
حمد حسن التميمي
كلنا نبحث عن حلول لمشكلاتنا على الصعيد الشخصي أو المهني، بعضنا يتوصل إلى الحل بنفسه بعد تفكير وتمحيص، وآخرون يلجؤون إلى الأصحاب والأقارب أو إلى أي شخص يمكن أن يرشدهم إلى بداية الطريق، وفئة ثالثة يتوقع أصحابها العثور على مدرب مميز يحمل عصا بقوى سحرية، يُلقي عليهم تعويذة حظ سعيد، فتنقلب حياتهم رأساً على عقب بين ليلة وضحاها، فيسارعون إلى شراء كتاب محدد أو الاشتراك في دورة معينة.
ما يحدث لاحقاً أن من يجرب حل مشكلاته اعتماداً على نفسه قد يخطئ، لكنه طالما ظل يحاول ويتعلم من أخطائه فإنه لا بد أن يجد الإجابة. كذلك الحال بالنسبة لمن يطلبون النصيحة من الآخرين ممن لديهم خبرة ومعرفة أكبر إلى جانب إعمال عقولهم وعدم التسليم بما يُقال لهم وكأنه من المسلمات. أما من يبحث عمن يؤدي المهمة بالنيابة عنه، فإن سعيه ذاك سيبوء بالفشل الذريع، لأنك إن لم تساعد نفسك فلن يستطيع أحد مساعدتك.
الكوتش لا يملك سحرا لحل لمشكلاتك أو حبة دواء تحقق المعجزات، حتى يتمكن من تغيير واقعك، وهذه حقيقة علينا جميعاً إدراكها، فلا نحمل رواد الفكر والتنمية الذاتية فوق طاقتهم. كما أن الكوتش ليس طبيباً نفسياً كما يظن البعض ممن يعتقدون أن كل مشكلاتهم ستُحل بمجرد مقابلته في عدة جلسات، ثم يلقون عليه باللائمة بعدها، بسبب استمرار معاناتهم، كأن دفع المال عليهم، أما التغيير فعليه هو.
إن المدربين والمعلمين موجودون لمساعدتنا على اختيار الطريق الصحيح والمضي في المسار المناسب، لكننا نحن المسؤولون عن تفاصيل الرحلة من أولها إلى آخرها، ولا أحد يمكن أن ينوب عنا في ذلك. علينا أن نخطو بأقدامنا ونتمرغ مراراً وتكراراً في وحل العقبات حتى نصل في نهاية المطاف إلى الوجهة التي ننشدها.
لهذا، يمكنك أن تسجل في عشرات الدورات وتقرأ مئات الكتب، دون أن تتقدم خطوة واحدة إلى الأمام، طالما أنك تعتقد بأن المدرب أو المؤلف هو المسؤول عن تغيير وضعك دون أي جهد منك، وهذا هو الخطأ الشائع الذي يقع فيه معظم المنتسبين إلى الدورات والمشاركين في الندوات التحفيزية.
إن حياتك ملكك أنت، لهذا تقع على عاتقك وحدك مهمة الارتقاء بها نحو الأفضل وتحسين كافة جوانبها. الكوتش مجرد شخص متمرس بوسعه أن يرشدك إلى انتقاء الخيار الأنسب لك، واتخاذ القرار السليم، ودفعك لاتخاذ الخطوة الأولى من نقطة انطلاق صحيحة. لكن بعد ذلك عليك أن تبذل جهداً فتضع قدمك في بداية الطريق وتمضي إلى الأمام بقوة الدفع الذاتي، متحدياً الصعوبات بإصرار كبير وإرادة لا تلين، ومتسلحاً بالمعلومات القيمة والنصائح العملية المدروسة التي تلقّيتها على يد مدربك.
إن ما نشهده حولنا اليوم من عجز الناس عن بلوغ أهدافهم وتحقيق أحلامهم يرجع إلى حقيقة أن غالبيتهم يتنصّلون من مسؤولية حياتهم، ويحمّلون مشكلاتهم على ظهر الآخرين، ويلقون باللوم على كتب التنمية الذاتية وروادها باعتبارها لم تقدم شيئاً مفيداً لهم، في حين أنهم هم السبب فيما يحصل لهم من إخفاق مستمر؛ لأنهم لم يفهموا معادلة التغيير جيداً، والتي تنص على أن التغيير يجب أن ينبع من داخلك لا أن يأتيك من الخارج، فلا أحد يستطيع تغييرك إذا لم ترد ذلك ولم تفعل شيئاً إزاء ما تريده.
إذن، فالكوتش ليس «سوبرمان»، ولا مارد فانوس سحري، ولا مشعوذاً بعصى من بلاد العجائب، يستطيع بغمضة عين أن يحقق كل أمانيك ويقلب حياتك من حال إلى حال دون تدخل منك لتغييرها، إنه ببساطة معلّم سراج ينير لك الدرب لتمضي فيه بنفسك.

Insta: Hamadaltamimiii
copy short url   نسخ
05/01/2022
691