إسرائيل لا تخفي مخططاتها في الضفة الغربية المحتلة التي اعتمدت اسم «يهودا والسامرة» اسماً لها، وذلك في تحول سياسي وأمني ذي معنى لمكانة الضفة، فضلاً عن الإشارة التوراتية والثقافية، إسرائيل لا تخفي رغبتها في إعادة تعريف العلاقة مع الضفة الغربية من حيث الموارد والسكان والمستقبل في آن واحد، فما قامت وتقوم به حتى الآن دون إدانات أو اعتراضات يعني أن إسرائيل بصدد الإعداد الفعلي لعملية ضم محددة ومنتقاة ومتدرجة.
إسرائيل الحالية بتطرفها الشديد وعدوانيتها غير المسبوقة، تعتقد أنها من خلال تفريغ المخيمات، وطرد المواطنين وتعميق الاستيطان وتوسيعه، ومن خلال تجاوز السلطة الفلسطينية وإفقارها وإحراجها ومحاولة تذويبها، ومن خلال ابتزاز مواقف أميركية فإن إسرائيل تعمل فعلياً على حسم الصراع، كما رسمه سموتريتش قبل خمسة أعوام.
حسم الصراع يقوم على إجهاض أو منع إقامة دولة فلسطينية، وعدم الانسحاب من أي جزء تم احتلاله سنة 1967 وعلى تطويع المواطنين، بحيث يتم اقتلاع فكرة الدولة، أو حتى الحلم بها.
إن ما يجري في الضفة الغربية لا ينفصل عما يجري في قطاع غزة أيضاً، بمعنى أن إسرائيل تتعامل مع المساحتين الجغرافيتين وكأنهما لا يخصان وطناً واحداً أو مصيراً واحداً، وتحاول أن تجد حلولاً منفصلة لهما لا رابط بينها، وتعزز إسرائيل هذا النهج بعدم الإشارة إلى القدس المحتلة التي تعتقد أنها حسمتها سنة 2018 بالإعلان عن توحيد شطريها كعاصمة أبدية لإسرائيل.
إسرائيل تقوم فعلياً بالفصل بين الضفة والقطاع والقدس المحتلة، وتعتبر كل قطعة جغرافية ذات مصير مستقل وسيناريو مستقل، وقد تكون الخطة المصرية التي تم تبنيها عربياً وإسلامياً تنبهت إلى ذلك فأكدت على وحدة الجغرافيات الثلاث، القدس والضفة والقطاع، باعتبارها أيضا الدولة الفلسطينية الموعودة والعتيدة.
إذن، إسرائيل تسابق الزمن من أجل تنفيذ مشروعها المتمثل بإعادة الاحتلال أولاً، وضم الضفة الغربية أو أجزاء منها حسب الاتفاق مع إدارة ترامب ثانياً، وتحييد قطاع غزة أمنياً وديموغرافياً إن كان ذلك بيد إسرائيل أو بيد آخرين ثالثًا.
إسرائيل في ما تفعله في الضفة الغربية بالذات، تؤسس لحل خطير لا يتضمن الاعتراف بالشعب الفلسطيني، أو بحقوقه أو بمستقبله، وهي ترى أن الوقت مناسب جداً لذلك في ظل دعم لانهائي أميركي وانقسام فلسطيني. وهي ترى أن السابع من أكتوبر يعطيها الذريعة الأمنية لترسيخ مثل هذا الحل القائم على الاحتلال، والسؤال هو هل تستطيع الدبلوماسية العربية –بعد الخطة المشار إليها– والجهود الفلسطينية أن تشكل رادعاً لكل هذه الأطماع والنوايا؟القدس الفلسطينية