الحياة أشبه بمسرحية تضم عدداً لا محدوداً من الممثلين، وهؤلاء الممثلون الذين يلعبون أدواراً متنوعة هم نحن البشر. منا من يلعب دور البطولة، ومنا من يلعب دور الضحية، وآخرون يمثلون شخصيات أخرى لا حصر لها.
من بين كل الممثلين الذين يشاركون في مسرحية الحياة، فإن المخادعين الذين يظهرون دائماً عكس ما يضمرون هم أسوأ الموجودين، ذلك أن البقية يتقمصون أدوارهم إلى درجة الاتحاد معها قلباً وقالباً. فمن يمارس دور البطولة من الناجحين ورواد الفكر والأعمال ومن شاكلهم، يصبحون بالفعل أبطالاً لا مجرد ممثلين. نفس الشيء بالنسبة لمن يمارسون دور الضحية، فهم يصبحون ضحايا لمجتمعاتهم وظروفهم بشكل فعلي، وذلك بمحض إرادتهم الحرة رغم أنهم يظنون بأن أدوارهم مفروضة عليهم.
أما الذين يلبسون الأقنعة لإيقاع الناس واستغلالهم، أو الظهور بمظهر بعيد كل البعد عن حياهم الحقيقية فهم أخطر بني البشر؛ لأنهم يعكسون صورة زائفة عن أنفسهم وعن نجاحاتهم وحياتهم بشكل عام، فننخدع بهم ونسير خلفهم كمن يهتدي بالنجوم في عتمة الليل الحالك. ومنهم من نلبسه نحن رداء المثالية فنراه بصورة لا تمت لصلة بما هو عليه.
كلنا تقريباً شهدنا حادثة ضرب الممثل الأميركي الشهير «ويل سميث» زميله الفنان «كريس روك» أمام العالم أجمع في حفل توزيع الأوسكار، لأن الأخير وجه نكتة ساخرة إلى زوجة سميث. تلك الحادثة التي حدثت منذ سنوات قليلة فقط، ألقت الضوء على حياة المشاهير، والخداع الذي يلف كل تفاصيل هذه الحياة.
لطالما كنا نعتبر الممثل سميث، ذاك الرجل دائم التبسم والمزاح شخصاً سعيداً لأبعد الحدود. حتى أن الكثيرين منا رسموا صورة مثالية حول الحياة الأسرية والشخصية التي يعيشها. كنا نظن لسنوات طويلة أنه يحيا في جو أسري تسوده المحبة والسلام الروحي، ويحظى بكل ما يتمناه ويريده في هذا العالم على كافة الأصعدة.
كان حلم الواحد فينا أن يكون نسخة عن هذا الرجل الذي تبدو عليه علائم السعادة والنجاح الصارخ. لكننا فوجئنا في الفترة الأخيرة بأخبار خيانة زوجته له، وكيف بدا أمامها وهي تحكي قصة خيانتها علانية على التلفاز كطفل صغير يبكي من الحرقة والألم دون أن يستطيع فعل شيء، لتنهار الصورة المثالية التي رسمناها.
وما زاد الطين بلة هو موقفه في حفل الأوسكار الذي أكد بما لا يدعو للشك أنه يعاني مشكلات نفسية وأسرية لا حصر لها، وبأن صورة الشخص المرح الناجح السعيد ليست سوى وهماً ومظهراً خادعاً لا يمت للحقيقة بصلة.
هكذا بالضبط هي حياة كثير من المشاهير في الوسط الفني وغيره، تبدو براقة من الخارج، لكن ما إن نتوغل إلى الداخل حتى نجد المفاجآت، ونكتشف زيف الصورة المرسومة حول حياتهم. فهم في النهاية بشر مثلنا، لا تخلو أيامهم من المنغصات والمشكلات التي قد تتفاقم أحياناً لتحرمهم من السعادة والحياة الأسرية الناجحة.
فقبل أن ترسم صورة مثالية حول أي شخص مهما بلغ من نجاح ومال وجمال، عليك أن تدرك بأنه لا وجود للكمال في عالم البشر، وأننا كلنا سواسية بصرف النظر عن أوضاعنا المعيشية. لا أحد أفضل من أحد، فحتى أثرى الأثرياء في حياتهم من التعاسة ما يكفي لتوزيعها على عشرات البشر.
إن المظاهر الخارجية كثيراً ما تكون خادعة، فليس كل ما يلمع ذهباً، ولا كل واقع يبدو مريراً هو كذلك بالفعل. فانتبه إلى القشور الخارجية، وانظر دوماً إلى العمق حتى تكتشف الحقائق وتعيش على الدوام بتوازن ووعي. لا تسمح لأحد بأن يخدعك بكلامه المعسول، بل اقرأ ما بين السطور. لا تكن ساذجاً تظن الدنيا وردية، بل كن حكيماً ينظر إلى الواقع بعين الحكمة فيرى الأشياء على حقيقتها.