+ A
A -
أحمد الغز كاتب لبناني

الذاكرة الوطنية اللبنانية العميقة تختزن الكثير من الدروس والعبر والنجاحات والنكسات، ولا أحد يستطيع اقتلاع هذا المخزون المعرفي من ذاكرة التجربة الوطنية اللبنانية، وتنوعها الطائفي والمناطقي والعقائدي والسياسي، وما تختزنه من تجارب عميقة في الحرب والسلم على مدى عشرات العقود، فقدنا خلالها قامات كبيرة ونجاحات باهرة وشهدنا موجات من التشرد والنزوح والقتل والدمار.

الذاكرة الوطنية اللبنانية لا تحتاج إلى منشطات لأنها يقظة ومتنبهة، بعد أن عرفت الكثير من الخيبة والتخلي والغدر، وربما تكون كل المجموعات الوطنية تجرعت خيبات عدم إدراك كيف يمكن أن تعصف تفاهمات الكبار بالصغار، وكيف تركت تلك المجموعات وحيدة في مواجهة خيباتها، وكيف كانت الشراكة الوطنية هي الملاذ الأمن الوحيد.

الذاكرة الوطنية اللبنانية هي الكتاب الاكثر دقة وموضوعية، وهي المرشد الوحيد للتمييز بين الاتجاهات الخاطئة والمسارات الصحيحة في لحظة وطنية بالغة الدقة مما يستدعي العودة إلى المراجعات الشجاعة واستحضار النجاحات والعثرات والعمل على تعزيز الشراكة وتحديد الهواجس والمخاطر وعدم التمادي بالادعاءات والشعارات وتجاهل ما تجرعته اجيال لبنان من خيبات وانتكاسات.

إن بناء لبنان المستقبل يجب أن يبدأ من إعادة ترميم الذاكرة الوطنية اللبنانية واستعادة الروح الاستقلالية أيام الحريات والأحلام والطموحات والاعتزاز بالهوية الوطنية اللبنانية، وذلك أهم من استعادة الودائع المصرفية؛ مما يجعلنا نصرخ عالياً، خذوا ودائعنا المصرفية وأعيدوا لنا ذاكرتنا الوطنية.

copy short url   نسخ
10/03/2025
5