في حديثٍ مليء بالحنين إلى الماضي، استعاد الكاتب القطري عبد الرحيم الصديقي ذكريات طفولته المرتبطة بدار الكتب القطرية، التي وصفها بأنها كنز لا يقدر بثمن بالنسبة له، حيث شكلت محطته الأولى نحو عشق القراءة والأدب، وأصبحت جزءاً لا يتجزأ من مسيرته الإبداعية.
مؤكداً أنه لا ينسى أن الفضل الأكبر في تشكيل وعيه، يعود إلى تلك الرفوف التي احتضنته طفلاً في الحادية عشرة، فمن بين صفحاتها ولدت كلماته الأولى، كما أوضح أن كل خطوة يخطوها اليوم أمام هذا الصرح الثقافي العتيق تعيده إلى زمن كان العالم فيه يتسع داخل جدران مكتبة، فيتلمس تفاصيل طفولته كأنه دخل إلى آلة الزمن وعاد إلى الماضي مرة أخرى ليشاهد كل تلك الذكريات والتفاصيل كأنها فيلم يعود به «فلاش باك».
وكشف الصديقي عن ارتباطه العاطفي بالمكتبة منذ أن كان في الحادية عشرة من عمره، بين عامي 1975 و1976، حين بدأ يتردد عليها يومياً ليغوص في عوالم الكتب والمجلات. وقال: «هنا تعلمت ألا أفارق الكتب، كانت الدار بمثابة كلمة السر التي جعلتني كاتباً اليوم»، مشيراً إلى أن تفاصيل المكان من غرف وقاعات ومكاتب، لا تزال محفورة في ذاكرته كجزء من هويته.
أكد الصديقي أن الدار لم تكن مجرد مبنى، بل علامة تراثية ارتبطت بذكريات اجتماعية وثقافية، مثل شراء الصحف اليومية من «بقالة النصر» المجاورة، التي كانت جزءاً من روتينه اليومي. وأضاف: «كانت القراءة عادة جماعية في ذلك الزمن، توارثنا حبها كأسلوب حياة».
كما عبر الصديقي عن سعادته بإعادة افتتاح الدار في حلتها الجديدة، قائلاً: «الوقوف أمامها اليوم يشبه استعادة شريط الذكريات بكامل تفاصيله»، معتبراً أن ترميم المبنى ليس مجرد تجديدٍ هندسي، بل إحياءٌ لإرث ثقافي سيستمر في إلهام الأجيال القادمة.كما أشاد بدور وزارة الثقافة في الحفاظ على هذا الصرح، الذي وصفه بـ«الشاهد على تحولات المجتمع الثقافية».
عند سؤاله عن أبرز الكتب التي أثرت فيه خلال زياراته المبكرة، ذكر الصديقي قصص «السندباد» ومجلات «سوبر مان»، التي كانت تلهم خياله وتنمي مهاراته كطفل، مؤكداً أن تلك الاعلام ساهمت في صقل وعيه الأدبي، قبل أن ينتقل إلى عوالم القراءة الأكثر عمقاً، هكذا تتحول الأماكن إلى شواهد حية على قصص النجاح، وتظل دار الكتب القطرية في قلب الصديقي رمزاً لبداية رحلة إبداعية طويلة، تذكرنا بأن حب المعرفة يبدأ أحياناً من غرفة صغيرة مليئة بالكتب، وذكريات طفل فضولي.