ترتفع مبيعات «المسابيح» في رمضان بأنواعها وأحجامها المختلفة، حيث يدفع الشهر الفضيل الصائمين إلى الذكر والاستغفار والتسبيح على مدار اليوم، ما يجعلهم حريصين على تأهيل الأساسيات والكماليات وتسخيرها لتهيئة الأجواء الإيمانية.
وفي جولة لـ«الوطن » رصدنا زيادة الطلب على المسابيح من محلاتها المختصة في سوق واقف التراثي بوسط الدوحة، حيث يضم السوق العديد من المحلات والورش الخاصة بتصنيع وبيع وإصلاح السبحة، وتعمل تلك المحال بطاقة مكثفة خلال الشهر الفضيل؛ نظراً للإقبال المتزايد من المواطنين والمقيمين، كما تستقطب السائحين ممن يحرص على اقتناء القطع الرمزية الدالة على الدين الإسلامي والثقافة العربية والتراث القطري.
في البداية يقول حسن محمود الوضحان، صاحب محل «سبحة» ومتخصص في المسابيح الفاخرة والكهرمان،«نحن من أوائل المحلات في دولة قطر في هذا المجال، وتاريخنا يرجع إلى سنة 1948، وقد ورثنا هذه التجارة عن الأب والجد»، وأضاف الوضحان، أن موسم المسابيح يبدأ من شهر رمضان الفضيل إلى عيد الفطر ثم عيد الأضحى المبارك، مؤكداً أن هناك العديد من الخامات الطبيعية لتصنيع المسابيح، تشمل الأحجار الكريمة وعلى رأسها «الكهرمان» الذي يزداد الطلب عليه في موسم رمضان، إضافة إلى الخامات المصنعة.
أما عن أنواع «الكهرمان» قال الوضحان «متوفر لدينا كل خامات الكهرمان، مثل الألماني القديم، البولندي، والكلنجرادي»، موضحاً أن الكهرمان هو عصارة متحجرة من شجرة الصنوبر، ويعتبر من الأحجار الثمينة، ويطلق عليه اسم «ذهب الرجال» لأنه مع مرور الزمن تزيد قيمته، وكل ما قدم في العمر، كل ما ارتفع سعره.
وأوضح أن الهدف هو تقديم أجود أنواع المسابيح لعشاق التميز، والسعي دائماً لإرضاء ذوق العملاء، قائلا «رأيت والدي وجدي كيف يهتمان بالكهرمان ويقدرانه، لأنه يجمع بين الجمال والقيمة العالية. وهذا ما جعلني أكمل المشوار وأطوّره، بحيث نقدم مسابيح تجمع بين التراث والفخامة، مضيفاً أن «الكهرمان» جزء من تراثنا، وكثير من الشيّاب كانوا يحفظونه ويقدرونه، وأتمنى رؤية العناية بالمسابيح الكهرمان تنتشر أكثر بين الشباب، ما يجعلهم مرتبطين أكثر بتراثهم وعاداتهم العربية والإسلامية، لأن الكهرمان ليس فقط للزينة، لكنه قطعة لها تاريخ وقيمة تزيد مع الوقت.
وتُعد المسابيح جزءًا لا يتجزأ من الثقافة القطرية، حيث تحمل رمزية دينية واجتماعية، وتعكس جانبًا من التراث العريق والعادات المتوارثة عبر الأجيال. وتزداد أهمية المسابيح في شهر رمضان المبارك، حيث تصبح رفيقًا دائمًا للصائمين، سواء في جلسات الذكر والتسبيح أو كإكسسوار يُظهر الذوق الرفيع والتقدير للحرف اليدوية التقليدية.
عنصر ثقافي
والمسابيح ليست مجرد أداة للتسبيح والذكر، بل تمثل عنصرًا ثقافيًا يعكس الهوية والتراث. وفي قطر، تُصنع المسابيح من خامات متعددة مثل الكهرمان، والعقيق، والفيروز، وحجر الكهرب، والعود، والأحجار الكريمة، بالإضافة إلى الخشب والعاج. وتختلف تصاميمها وأحجامها، حيث يحرص الحرفيون على إضافة لمسات فنية تجعل كل مسباح فريدًا في شكله وطابعه.
ويستخدم المواطنون المسابيح في حياتهم اليومية، سواء للعبادة أو كهدايا قيمة يتم تبادلها في المناسبات، خاصة خلال شهر رمضان والعيد. وتُعتبر المسابيح أيضًا رمزًا للمكانة الاجتماعية، حيث يقتني البعض أنواعًا نادرة مصنوعة من مواد ثمينة تعكس الذوق الرفيع والاهتمام بالموروث الثقافي.
موسم رمضان
وفي رمضان، يزداد الإقبال على المسابيح، حيث يُستخدم المسباح بشكل مكثف في التسبيح والذكر بعد الصلوات وقيام الليل، كما يُقبل الناس على شراء المسابيح الفاخرة لتقديمها كهدايا في المجالس الرمضانية أو للأقارب والأصدقاء خلال العيد.
تُقام في الأسواق الشعبية والمحال التجارية معارض خاصة بالمسابيح، حيث يتوافد الزبائن لاقتناء أجود الأنواع، سواء للاستخدام الشخصي أو كهدايا ذات قيمة روحية وجمالية. ويحرص الحرفيون على تقديم تصاميم جديدة خلال هذه الفترة، مع مراعاة النقوش والزخارف التقليدية التي تضفي طابعًا تراثيًا مميزًا على المسابيح القطرية.
وتُعد الأسواق التقليدية مثل سوق واقف من أبرز الأماكن التي تُعرض فيها المسابيح الفاخرة والمصنوعة يدويًا، حيث يمكن للزوار العثور على مسابيح من مختلف الأنواع والأحجام، بدءًا من المسابيح الخشبية البسيطة وحتى القطع النادرة المصنوعة من العود أو الكهرب. ويحرص التجار على تقديم قطع مميزة تناسب جميع الأذواق، خاصة خلال شهر رمضان، حيث يرتفع الطلب عليها بشكل كبير.