سمير البرغوثي
كاتب وصحفي أردني
تتوالى الطعنات للشيخ جراح في القدس الشريف، لو سمح النظام في دمشق لانين الشيخ حسام الدين الجرّاحي طبيب صلاح الدين الأيوبي.. الوصول إلى مرقد الناصر لدين الله صلاح الدين بن أيوب التكريتي بالقرب من المسجد الأموي، لهب من رمسه حاملا سيفه لنجدة طبيبه الخاص الذي دفن في حي القطمون خارج أسوار القدس قبل 900 عام، ولو كان الفلسطيني المقدسيّ ابن حيّ الشيخ جرّاح (عبد ربه خليل بن إبراهيم) يعلم أن إنسانيته في التعامل مع اليهودي يوسف بن رحاميم ستكون حجة يهودية أن الحي يهودي.. حيث كان المقدسي استقبل اليهودي بترحاب عندما جاء إلى القدس عام 1880 قادمًا من أوروبا هاربًا من الاضطهاد الذي طال اليهود هناك، حيث سارع لنجدته وأجّره قطعة من أرضه ليعيش منها، بمعنى أن يهودياً يستأجّر الأرض ويعيش بأمان بين العائلات المقدسية التي سكنت الحيّ وهي عائلات فلسطينيّة معروفة مثل عائلة النشاشيبي وينحدر منها إسعاف النشاشيبي الأديب الفلسطينيّ الذي ما زال قصره ماثلًا هناك والكرد.. لو علم ذاك المقدسي ان انسانيته ستجر الظلم والقتل والتشريد لابناء حيه لألقى بإنسانيته في مزبلة الحي قبل ان يفتح له باب بيته ويستقبله. يهودي كان يدفع ايجارا رمزيا على مدار 90 عامًا، ووفق القانون الشرعي يسمى هذا الاستئجار بـ (التحكير) إذ يتيح تأجير اليهود الأرض ويمنع بيعها لليهود بموجب الأنظمة والقوانين العثمانيّة. وقد سعت «إسرائيل» عام 1948 إلى احتلال الحيّ في موقعه الذي يربط بين شرقي القدس وغربها، ويعتبر نقطة رصد استراتيجيّة مهمة لإسرائيل تشرف عليه الجامعة العبريّة الواقعة على جبل المشارف في القدس. لم تستطع إسرائيل احتلال الحيّ حتى عام 1967، أي بعد حرب الستة ايام (النكسة). ومع منع اتصال الأحياء المقدسيّة وفصلها من خلال وحدات استيطانيّة، عام 1967 خلال توسع الاحتلال الصهيونيّ عانى الحي من استيطان اليهود في الحي، وتهجير بعض العائلات الفلسطينية وطردهم من منازلهم، وتعرض أهل الحي لفروض الاحتلال عليهم من قبل المستوطنين الموجودين في الحي ووضع كاميرات المراقبة، واحتجاز السكان فيما يشبه السجن، خاصة في المناسبات والأعياد اليهودية. ويتهدد الحي الآن مخطط إسرائيلي استيطاني اعلن عنه، ويتضمن بناء 200 وحدة سكنية لإسكان مستوطنين يهود فيها، وسط هذا الحي العربي الواقع في القدس الشرقية المحتلة عام 1967م. علينا ان نقف مع أهل الحي الذين يتصدون للمخطط الصهيوني وبصدور عارية بكل الوسائل وأقل ما نفعله أن نخرج احتجاجا على معاناة الشيخ جراح.