أعلنت جامعة قطر طرحها لمنح بحثية متقدمة بهدف تطوير العلوم الإنسانية والاجتماعية من خلال البحث الذي يتناول التحديات المجتمعية المحلية. يهدف برنامج منح العلوم الإنسانية والاجتماعية البحثية في جامعة قطر إلى دعم فرق البحث في مجالات حيوية تهم دولة قطر وتشمل موضوعات هامة تُعد من الركائز الأساسية مثل الهوية، الأسرة، والتي تندرج تحتها موضوعات عديدة كالثقافة المالية، المرأة، التراث، التعليم، والاستدامة الاقتصادية والبيئية. كما يشمل التعاون مع خبراء من مجالات أخرى مثل العلوم والهندسة والصحة.

تمول جامعة قطر هذه المنح الداخلية، ويبدأ التقديم لها إلكترونيًا في يناير/ ‏فبراير 2025، حيث سيكون الموعد النهائي لتقديم المقترحات البحثية والمنح الصيفية الفائزة في مارس 2025، تليها مرحلة إعلان الجوائز في أبريل من نفس العام.

يعتبر تعزيز النشر الأكاديمي في العلوم الاجتماعية من الركائز الأساسية لهذا البرنامج، حيث يهدف إلى دعم المعرفة وتطوير السياسات من خلال نشر الأبحاث والكتب الأكاديمية، والتي يمكن أن تصدر عن دار نشر جامعة قطر. إلى جانب ذلك، يتم تنظيم ورش عمل متخصصة تجمع الباحثين بالمؤسسات المحلية والدولية، وتفتح لهم المجال لتبادل الأفكار والمنهجيات البحثية، ومن المتوقع أن تسهم هذه الورش في إنتاج كتاب مشترك يتناول الموضوعات الفرعية ذات الصلة.

ويعتمد البرنامج على تطوير مهارات الباحثين من خلال التدريب على أخلاقيات البحث ومعايير المراجعة الأخلاقية، بالإضافة إلى ورش عمل متخصصة حول جمع البيانات، مثل تصميم الاستبيانات واستراتيجيات أخذ العينات. كما يوفر التدريب على تحليل البيانات باستخدام الأدوات الإحصائية وعلوم البيانات. إضافة إلى ذلك، يتم تقديم فرص للإرشاد الأكاديمي من خلال شبكة من الخبراء لدعم الباحثين الجدد وتعزيز قدراتهم البحثية.

يهدف البرنامج أيضًا إلى بناء مجتمع قوي من الباحثين في جامعة قطر من خلال تنظيم فعاليات تجمع أعضاء هيئة التدريس والطلاب لمشاركة الأفكار وتعزيز التعاون. ومنها منتدى العلوم الإنسانية والاجتماعية السنوي QUHSS الذي سيكون منصة رئيسية لعرض الأبحاث التعاونية وتبادل الرؤى بين العلماء والباحثين. كما يتم تنظيم لجان مناقشة نتائج الأبحاث لمشاركة المخرجات وتعزيز التعاون بين الباحثين.

البرنامج متاح لأعضاء هيئة التدريس والباحثين في العلوم الإنسانية والاجتماعية، مع إمكانية إشراك طلاب البكالوريوس والدراسات العليا. تُمنح الأولوية للفرق التي تضم أعضاء هيئة تدريس قطريين أو تلك التي تتعاون مع مؤسسات محلية. من بين النتائج المتوقعة لهذا البرنامج، تقديم مقترحات لمنتدى QUHSS لمشاركة النتائج البحثية، والمشاركة في ورش العمل لبناء مهارات الباحثين، وتنظيم فعاليات مجتمعية لنشر نتائج الأبحاث، إلى جانب نشر المخرجات في منصات علمية مرموقة والمساهمة في حملات التوعية ذات الصلة.

يتضمن البرنامج أيضًا مجموعة من الحوافز، مثل فرص رحلات تبادل البحث لتعزيز التعاون الأكاديمي وتوسيع الشبكات البحثية، ودعم منحة البحث الصيفية لتطوير مهارات الباحثين والمساهمة في كتابة ونشر الأبحاث. يُشترط في هذه الرحلات والمنح الحصول على خطابات دعوة من مؤسسات أكاديمية معترف بها.

وفي هذا الإطار أشار الأستاذ الدكتور أيمن اربد، نائب رئيس جامعة قطر للبحث والدراسات العليا، إلى سعي جامعة قطر إلى تطوير العلوم الإنسانية والاجتماعية نظرًا للأهمية البالغة لها في تكون الوعي الثقافي والمجتمعي وما لها من دور في تطوير القدرات المعرفية والإبداعية للباحثين والطلبة. وقد هدفت هذه المنح إلى دعم الأبحاث المتعلقة بالأسر والهوية القطرية كركائز أساسية ويتفرع منها مواضيع كالتراث والتعليم والاستدامة البيئية وغيرها من القضايا التي تهم المجتمع القطري، بما يعكس العلاقة القوية بين الجامعة والمجتمع ومساهمة الجامعة الفاعلة في تلبية احتياجات وتطلعات المجتمع. كما هنأ الفائزين متمنيًا لهم دوام النجاح والتوفيق.

ضمن العناوين الفائزة بهذه المنحة البحثية التي تندرج تحت مجال الأسرة، «استكشاف سياق التواصل في مجال الصحة العقلية وسلوك البحث عن الصحة في الأسر القطرية: تأثير العوامل الاجتماعية والثقافية والديموغرافية الاجتماعية»، للباحثة الدكتورة شيخة الكواري، أستاذ مساعد في قسم العلوم الاجتماعية، وعبرت عن فخرها بالفوز قائلة: «أنا وفريقي البحثي نشعر بسعادة كبيرة لفوزنا بمنحة العلوم الاجتماعية والإنسانية المقدمة من جامعة قطر. تمثل هذه المنحة فرصة هامة لدعم الأبحاث التي تهدف إلى تعزيز وتطوير العلوم الاجتماعية والإنسانية. يركز مشروعنا على دراسة أساليب وأنماط التواصل الأسري المتعلقة بالصحة النفسية وتأثيرها على سلوكيات البحث عن الرعاية الصحية. ستساهم هذه الدراسة في تقديم إطار ثقافي يمكن أن يسهم في تصميم تدخلات وسياسات وبرامج فعّالة تعتمد على أسس ثقافية للحد من الوصمة المرتبطة بالصحة النفسية في المجتمع القطري. يشارك في هذا البحث فريق متعدد التخصصات من العلوم الاجتماعية، والتربية، والعلوم الطبية والصحية».

كما فاز الدكتور تركي عبيد المري، أستاذ مساعد بقسم الفقه وأصول الفقه في كلية الشريعة والدراسات الإسلامية، بهذه المنحة في بحثه: «انعكاسات التحولات الاقتصادية على الأسرة القطرية: تحليل اجتماعي قانوني في ضوء الشريعة الإسلامية»، وقال بهذه المناسبة: «الفوز بمنحة العلوم الاجتماعية والإنسانية ليس مجرد تقدير علمي، بل هو دفعة أمل ورسالة ثقة في أهمية البحث لفهم التحولات التي تعصف بمجتمعاتنا، مشروعنا البحثي يسبر آثار التحولات الاقتصادية على استقرار الأسرة القطرية، محاولاً الوقوف على أبرز ما أفرزته من تحديات قانونية واجتماعية وملتمسًا معالجة تلكم التحديات من منظور الشريعة الإسلامية في ضوء أحكامها المقررة ومقاصدها المعتبرة، في سعي لصياغة رؤية شاملة تحفظ للأسرة القطرية توازنها واستقرارها. أشكر الجهة المانحة على هذا الدعم، وأرجو أن يسهم هذا البحث في تحقيق رؤية علمية ناضحة واقتراح حلول ناجعة تسهم في تحقيق الاستقرار للأسرة القطرية».

فيما يخص الأبحاث المتعلقة بمجال الهوية، فكان الدكتور حمد الغضيظ، أستاذ مساعد بقسم التاريخ ضمن الفائزين بالمنحة البحثية، وذلك للبحث بعنوان: «الهوية القطريّة في زمن التحوّلات: نحو استراتيجيّة مستدامة للحفاظ على القيم والثقافة». وذكر حول المشروع: «يشكل هذا المشروع فرصة مهمة لدراسة وتحليل الهوية الوطنية في قطر وتأثير العولمة عليها، بما يساهم في تطوير فهم أعمق لهذه التحولات وتعزيز الانتماء الوطني في ظل التغيرات الثقافية والاجتماعية المتسارعة. آمل أن تسهم نتائج البحث في دعم صناع القرار والمؤسسات الأكاديمية لتطوير سياسات تحافظ على التوازن بين الأصالة والمعاصرة في المجتمع القطري».

كما تضمن الدعم البحثي دراسات أخرى في مجال الهوية، من بينها بحث الدكتورة آمنة عبد الله صادق، أستاذة مساعدة بقسم دراسات الخليج، تحت عنوان: «المحددات الاجتماعية وعوامل تشكيل الهوية القطرية من منظور الشباب القطري». التي قالت: «سعيدة بالدعم المقدم من جامعة قطر للأبحاث في العلوم الاجتماعية والإنسانية، ويمثل استحداث هذه المنحة نقطة تحول مهمة في تدعيم هذه الجهود وإتاحة فرص أكبر للمهتمين من الباحثين. كما ان الثقة التي توليها الجامعة للباحثين الشباب ما هي إلا انعكاس للرؤية بعيدة المدى لهذا الصرح الأكاديمي. وتعد المنح البحثية المقدمة فرصة للباحثين للانضمام لمجموعات بحثية متعددة التخصصات. كما انها تساعد في صقل مهارات الباحثين الشباب في بيئة أكاديمية حاضنة.

وأضافت: «أما ما يتعلق بالمنحة، فقد تم التقديم على مشروع بحثي بيني يهدف لدراسة توجهات الهوية بين الشباب القطري، في سعي لفهم القيم المحركة لشبابنا اليوم. نسعى من خلال هذا المشروع البحثي إلى اثراء المحتوى العلمي حول هذا الموضوع، بجانب تقديم صورة شاملة وعلمية للمؤسسات التنفيذية والتشريعية في الدولة والمهتمة في هذا المجال. يدعم المشروع اولويات الجامعة البحثية فيما يتعلق بالعلوم الاجتماعية والإنسانية ويتماشى مع رؤية قطر الوطنية 2030».

وفي السياق ذاته، حصلت دراسة أخرى للدكتورة إسراء أحمد المفتاح، أستاذة مساعدة بقسم العلوم التربوية، على دعم المنحة البحثية تحت عنوان «سبل تعزيز المواطنة البيئية في التعليم: نحو استدامة المعرفة البيئية عبر الأجيال». وبهذه المناسبة صرحت: «أود أن أشكر جامعة قطر على دعمها للباحثين الشباب في العلوم الاجتماعية والإنسانية. أنا ممتنة لاختيار مشروعي في هذه الدورة، حيث يهدف إلى توثيق التراث الشفهي الغني المتعلق بالطبوغرافيا والطبيعة في قطر، واستخدام هذه التوثيقات كمادة تثري البرامج التعليمية، ليتمكن المواطنون من التخرج بهوية مستدامة قوية. كما يعتمد المشروع على البحث متعدد التخصصات بين كلية التربية وكلية الآداب والعلوم، بما يعزز التكامل المعرفي بين مجالات العلوم الاجتماعية، الطبيعية، والتعليمية، بهدف تقديم مقاربات جديدة لفهم العلاقة بين البيئة والهوية في السياق القطري».