محمد هنيد
أستاذ مشارك بجامعة السوربون
عاش الليبيون خلال الأيام الماضية على وقع صدمة أسماء المترشحين للانتخابات الرئاسية القادمة حيث ضمّت القائمة اسمي سيف الإسلام القذافي وخليفة حفتر.
هذا الترشح أعاد إلى الأذهان قدرة الدولة العميقة على إعادة إنتاج الاستبداد والعودة بليبيا إلى مربع الثورة الذي انطلقت منه.
تباينت ردود الأفعال حول قدرة ابن القذافي على التحرر من الممارسات التي التصقت به وبفترة حكم والده وهو الذي يمثّل فعلا فترة الحكم التي تسببت في اندلاع ثورة فبراير.
أما المشير خليفة حفتر فهو الوجه الذي خرج من داخل ثورة فبراير قبل أن يقرر الانقلاب عليها ومحاربتها بقوة السلاح متسببا في خسائر بشرية ومادية كبيرة.
هذا الطور الجديد من أطوار المسار السياسي الليبي لا يمكن أن ينفصل عن تطورات الجوار في تونس والسودان تحديدا حيث يشهد البلدان مشاريع انقلابية متباينة.
ففي تونس تم تعليق الدستور وتجميد برلمان الشعب وتجميع السلطات في يد واحدة أما في السودان فقد استحوذ العسكر على كل السلطات بتعطيل الدستور وإلغاء العمل بالوثيقة الدستور وحلّ المجلس السيادي.
شكّل هذان الحدثان مؤشرا على تصفية الربيع العربي وإلغاء كل مكاسبه في البلدان التي عرفت مسارات ثورية وهو الأمر الذي يُرجّح أن تكون ليبيا آخر محطات الانقلاب على مكتسبات الربيع وثوراته.
فرغم الحرب التي دامت سنوات بين المشروع الانقلابي في الشرق ومشروع الصمود الذي قاده ثوار العاصمة طرابلس والتي انتهت بما يشبه التسوية السياسية فإن كثيرا من المؤشرات ترجح العودة إلى المربع الأول في حال فشلت مساعي تثبيت المسار الانتخابي سلميا.
صحيح أنّ كثيرا من الليبيين قد أعربوا عن صدمتهم من هذه الترشحات وعن رفضهم دخول المتورطين في الدم الليبي إلى حلبة المنافسة السياسية لكنّ ذلك لن يمنع النظام القديم من المشاركة في الانتخابات المقبلة. وهو الأمر الذي يقوّي من حظوظ هاته المجموعات في استعادة السلطة بشكل أو بآخر ما لم تنجح القوى المحلية في حسم مسألة ترشّح رموز النظام القديم حسما نهائيا.
لا يخفى على أحد أنّ هدف القوى إنما يتمثّل في استعادة المجال الذي انتُزع منها منذ 2011 وقد نجحت في جزء كبير من ذلك مشرقا ومغربا.
لكن هل ستكون هذه القوى قادرة على منع شروط الانفجار من جديد ؟
هل تملك ما تستطيع به سدّ مطالب الشعوب في العدالة والتنمية والحرية ؟

hnidmohamed@gmail.com