لا يمكن أن تقيم في غرفة في أحد الفنادق حول العالم دون أن تجد فيها ثلاجة (ميني بار) خاصة تتضمن محتويات متنوعة من الوجبات الخفيفة، العصائر والمكسرات، ولكنك، غالباً، لن تقترب منها بسبب ما يعرف بـ«فوبيا ثلاجة الفندق» وهو ما ينتشر بين المواطنين في قطر وبين مختلف نزلاء الفنادق من دول العالم، فثلاجة الفندق خط أحمر لا يقترب النزيل منها حتى لو كان من فئة الـ«VIP» الذي لا يجد مشكلة في دفع مبالغ طائلة على التذكرة والفندق والتسوق ولكنه لا يقترب من الثلاجة في غرفته لأنها «مكلفة»!
ما سبب هذه الفوبيا؟ وكم يبلغ الفارق بين أسعار المنتجات في الثلاجة وأسعار السوق العادية؟ ولماذا ترفع الفنادق أسعار الثلاجة بشكل كبير لدرجة يمتنع أغلب النزلاء عن استخدامها مما يجعل الإقبال عليها منخفضا ويخفض بالتالي من عائداتها وأرباحها بالنسبة للفندق، ومع ذلك يظل وجودها أساسي ولا يستغنى عنها من قبل جميع الفنادق الفاخرة، حتى لو كانت تجلب لها خسائر بسبب إتلاف أو أخذ الضيف معه منتجات منها دون دفع الثمن.
الوطن الاقتصادي أجرت تحقيقاً حول ثلاجة الفندق مع مدراء في فنادق قطر الفاخرة للوقوف على العائدات والأرباح التي تؤمنها، وسبب ارتفاع أسعارها وانخفاض الإقبال عليها.
ثلاجة مجانية
في البداية، وصف شريف صبري مدير عام فندق الشعلة ثلاجة الفندق بأنها «وجع قلب» بسبب أخذ الضيف لدى المغادرة لمحتويات لم يدفع ثمنها، لذلك قام بتزويد الثلاجة بمنتجات محدودة وجعلها مجانية مثل العصائر والمياه، كما تتوفر القهوة والشاي مجاناً في الغرفة.
وأكد صبري أن هناك الكثير من المشاكل تنجم بسبب الثلاجة مع الضيف فقد يتناول النزيل منتجا ما ويرفض دفع ثمنه باعتبار أنه كان يظن أنه مجاني، وقد يرفض الاعتراف، وهذه الحالات رغم قلتها إلا أنها تسبب إحراجاً للطرفين ولتفادي ذلك نمتنع عن فرض أي رسوم مقابل تقديم منتجات محددة بشكل مجاني وفي حال احتاج الضيف لأي شيء يمكنه طلبه من المطعم..
وأشار صبري إلى أن عوائد مبيعات الثلاجة منخفضة لذلك فإن الاستغناء عنها لا يسبب أي خسارة للفندق كما أن وجودها يعني فرض أسعار عالية على محتوياتها مما يجعل الطلب عليها خفيفا بغض النظر عن الفندق ومستواه، فأغلب النزلاء لا يقتربون من الثلاجة لأن الفكرة الشائعة والصحيحة أن أسعارها مرتفعة جداً وقد تضيف المزيد من المصاريف غير المتوقعة للضيف.
ولا يستخدم صبري الثلاجة في الغرف التي يقيم فيها سواء داخل أو خارج الدوحة إلا في حالة الضرورة القصوى وغالباً ما يقتصر استخدامها على شراء الماء.
منتجاتها فاخرة
ووصف أنور أبوالحسن، مدير التسويق في فندق لاسيجال، المنتجات في ثلاجة الفندق بأنها غالية جداً وذلك نتيجة لعوامل كثيرة تدفع إدارة الفندق إلى تحديد أسعار عالية على كافة المنتجات بغض النظر عن اسعار المطاعم في الفندق، فالثلاجة لها وضع خاص.
ومن أهم أسباب رفع سعر منتجاتها بحسب أبوالحسن هو الخدمة التي توفرها الثلاجة فهي موجودة أمام الضيف مباشرة ويمكنه أن يحصل على أي شيء يريده في أي وقت دون الحاجة إلى طلب الخدمة من أي موظف في الفندق، أو الاستئذان، فالثلاجة يمكن فتحها بأي وقت، ووجود المنتجات اللذيذة بداخلها يجعلها مغرية للضيوف وخاصة في ما يتعلق بأصناف الشوكولاته الفاخرة، والتي غالباً ما يتم جلبها خصيصاً من الخارج ومن أرقى العلامات التجارية إلى الفندق، وحتى المياه فهي من الصنف الفاخر، فتكون مختلفة بذلك عن بضاعة السوق، وهذا سبب آخر يقف خلف سعرها المرتفع.
وقال أبوالحسن: إن الثلاجة تغري الضيف لأن منتجاتها في متناول اليد في أي وقت، لذلك فهو رغم قراره المسبق بعدم الاقتراب منها قد يجد نفسه يلتقط ألواح الشيوكولاته والعصائر دون أن يشعر، رغم أنه لو قام العميل باستخدام الثلاجة على راحته وكانت اقامته في الفندق تمتد لأيام فقد يكلفه ذلك سعر ليلة في الفندق، فشراء 3 منتجات مثلاً قد يكلف مائة ريال!
ومن أسباب غلائها ايضاً، هو انخفاض الطلب عليها بشكل عام مما يرفع سعرها، رغم أنه حتى في حال ارتفاع الطلب فلن تكون مبيعاتها عالية حيث إن أرباحها معروفة ونادراً ما تتخطى النسبة المتوقعة، لذلك فإن نسبة مبيعاتها لا تتجاوز 10 إلى 15 %، ما يعني أن إدارة الفندق لا تعول على مبيعات الثلاجة في الغرفة في أرباحها ولكن وجودها أساسي وضروري في الغرفة فهي خدمة لا يمكن الاستغناء عنها.
وعن استخدامه الشخصي للثلاجة فقد أكد أبوالحسن أنه يحاول تفاديها قدر الإمكان لدى إقامته في أي فندق الا في الحالات الضرورية مثل الحاجة إلى الماء، أو عند الشعور بالجوع في منتصف الليل حيث تكون كل مطاعم الفندق مغلقة، فعندها لا مفر من اللجوء إلى مقتنيات الثلاجة.
غير مربحة
ومن جانبه قال وائل معتوق مدير عام فندق ومنتجع فريج شرق: إن مدخول ثلاجة الفندق يبلغ 5 إلى 6 % فقط من مدخول الفندق، وأسعار منتجاتها مضاعفة بـ4 أو 5 مرات لأسعار المنتجات في السوق، مشيراً إلى أن استخدام الثلاجة يقتصر على نوعية معينة من الضيوف، بينما يفضل الأغلبية ألا يقتربوا منها ليتفادوا دفع مبالغ عالية لم تكن في الحسبان من ضمن مصاريف الإقامة.
وفي ما يتعلق بمستخدمي الثلاجة في فندق فريج شرق فقد قال معتوق: إن معظمهم من الأوروبيين ومن رجال الأعمال الذين يزورون الدوحة في رحلة عمل ويقيمون في الفندق ليس للاستمتاع بل لممارسة أعمالهم ما يعني أنهم لا يخرجون كثيراً مما يجعلهم في حاجة إلى استخدام محتويات الثلاجة بسبب الضرورة.
وقال معتوق: إنه غالباً عندما يحتاج نزلاء الفندق إلى شيء ما فهم يطلبونه من مطعم الفندق عبر اتصال، بدل من استخدام الثلاجة.
وعن أسباب ارتفاع اسعار المنتجات في الثلاجة فقد قال معتوق: إن لها تكاليف عالية، مثل تكلفة الموظفين الذين يهتمون بها كملئها باستمرار وتجديد المنتجات وهؤلاء متخصصون بالثلاجة وتدفع رواتبهم للقيام بهذا العمل، وكذلك الخسارة الناجمة عن التخلص من المنتجات غير المستخدمة لفترة معينة أو تلك التي انتهت صلاحيتها.
وأضاف أن التكلفة أيضاً قد تنجم عن سرقة بعض الضيوف لمحتويات معينة، فقد يأخذ النزيل ألواح شوكولاته أو مشروبات معينة قبل ان يغادر الفندق ورغم كشفنا للأمر فنحن لا نستوقفه في بهو الفندق باعتبار الأمر لا يستحق رغم ان تكرار هذا الفعل يضر بنا ويسبب خسائر.
وأكد معتوق أن أرباح الثلاجة ليست عالية بل تعتبر خدمة للضيف أكثر من وسيلة تجلب العائدات للفندق وخاصة لو قارناها بعائدات الغرف، فاستخدامها المحدود لا يجعلنا نتوقع منها الأرباح.
أسعار مقبولة
وقال رامي الجعبري مدير عام فندق اماري الدوحة (فندق من فئة الأربع نجوم): إن ثلاجة العصائر في الغرف تحتوي على منتجات متنوعة ولكن تختلف عن باقي الفنادق بأسعارها المقبولة والتي قد يكون الفرق بينها وبين اسعار السوق 5 ريالات فقط، لذلك فهناك الكثير من الزبائن الذين يستخدمونها لدى مقارنة الأسعار فالفارق البسيط لا يهمهم بينما في فنادق اخرى قد يكون الفارق مرتفعاً جداً مما يجعلهم يحجمون عن الاقتراب منها.
وأشار الجعبري إلى أن ثلاجة الغرفة في فندق اماري تحتوي على الشوكولا والمقرمشات وجميع أنواع المكسرات، ويتم جلبها من مستثمرين خاصين مما يجعلها تختلف عن بضاعة السوق حيث يتم اختيار القطع الفاخرة والطازجة، وكذلك اختيار أشكال مميزة لها مما يجعلها أكثر إغراءً، لافتاً إلى أن نسبة مستخدمي الثلاجة من الزبائن تصل إلى أكثر من 50 %، وهي نسبة عالية مقارنة بفنادق أخرى.
وأوضح أن فرص اسعار عالية على ثلاجة الفندق وخاصة من قبل الفنادق الفاخرة هو نتيجة استراتيجية معينة يتم اتباعها، مفضلاً أن يتم فرض رسوم منطقية كي يبيع الفندق أكثر مما يسهم في زيادة ايرادات الغرفة.
وبين مدير عام فندق اماري- الدوحة أن أرباح الفندق من الثلاجة تتراوح من 15 % إلى 25 % من سعر الغرفة.
وعما إذا كان يستخدم ثلاجة الغرفة عندما يقيم في فنادق سواء داخل أو خارج قطر، فقد أكد أنه يستخدمها، ولكن ليس قبل الاطلاع على الأسعار ومقارنتها بالأسعار العادية قبل اتخاذ القرار بالاستمتاع بمحتويات هذه الثلاجة.

تغريدات فكاهية
ويثير موضوع غلاء ثلاجة الفندق الكثير من التغريدات التي تعلق على امتناع نزلاء الفندق عن الاقتراب من الثلاجة بسبب غلائها بينما يدفعون أضعاف السعر في مطاعم فاخرة، وحتى على الإقامة في الفندق، حيث تضمنت احدى التغريدات انتقاداً لهذا السلوك وذلك بشكل فكاهي بالقول:
«يسافرون درجة أولى ويتسوقون بكثرة ويقيمون في فندق خمس نجوم ولكنهم لا يأخذون أي شيء من ثلاجة الفندق لأنها (غالية)!»، كما ذكر مغرد آخر أن «القطري يشتري ساعة بـ50 ألف ولكن الريدبول الذي في الثلاجة غالي ولا يشربه».
وغرد مواطن آخر: «أحجز أغلى فندق وادفع ثمن اغلى تذكرة واشتري كل شي بخاطري، الا ثلاجة الفندق ما قربلها، طبع فيني من الصغر، احس انها اغلى من سفرتي».