+ A
A -
كتب – محمد مطر
بعد صراع مع المرض، رحل المبدع والقدير الفنان القطري عبدالعزيز جاسم، وفقد الوسط الفني في قطر والخليج والوطن العربي بأكمله رائدا من رواد الفن وخشبة المسرح، قدم العشرات من الأعمال الدرامية والمسرحية المتميزة والتي تابعها وأعجب بها النقاد قبل الجمهور، رحل عبدالعزيز جاسم وترك لنا ولجمهوره إرثاً فنياً من ذهب.
تعيش الأوساط الفنية في قطر والخليج حالة من الحزن الشديد على رحيل أحد أعمدة الفن القطري والخليجي، فنان شهد له باختياراته الهادفة والراقية والتي تتسم بالحس الفني العالي والذوق الرفيع، فضلاً عن اتساقها مع مبادئه التي عرف بها طيلة مسيرته الفنية العامرة بالأعمال الناجحة.
بدايته الفنية
كانت بدايته الفنية عند العام 1977 مع مسرح السد، ثم بدأ العمل مع الفنان غانم السليطي، عام 1979 وشكلا ثنائياً كوميدياً لعدة سنوات، عمل في العديد من الأعمال الفنية في أدوار الخير والشر سواء في الدراما أو المسرح.
محطات
وبدأت رحلة نجاحاته بمسلسل فايز التوش وتوالت الأعمال المميزة إلى أن شارك في مسلسل «التنديل» مع عملاق الكوميديا في الخليج الفنان حسين عبدالرضا.
ومن بين الأعمال الدرامية للراحل: في العام 1981 قدم مسلسل «الفرسان الثلاثة»، كما قدم في العام التالي مسلسل «حكايات أبوعلي» مع الفنان غانم السليطي، وفي نفس العام قدم مسلسل «عيد وسعيد»، وفي عام 1983 قدم مسلسل «حكاية صلبوخ»، مع كل من الفنانين غانم السليطي، حمد الرميحي، وهدية سعيد.. وفي ذات العام قدم مسلسل «حكاية العرندس» كما قدم في نفس العام أيضًا مسلسل «الدانة»، وفي العام 1984 قدم المسلسل الشهير «فايز التوش» والذي تكون من ثلاثة أجزاء مع الفنان غانم السليطي، وفي العام 1986 قدم مسلسل «مغامرات سعدون» مع الفنان صلاح الملا، هدية سعيد وهلال محمد.. وفي العام نفسه قدم مسلسل «محسن منكم وفيكم» مع الفنانة أسمهان توفيق وباسمة حمادة.. وفي عام 1988 قدم مسلسل «صرخة ندم»، وفي العام التالي قدم «إلى الشباب مع التحية» مع سعد الفرج، سعاد عبدالله، هند كامل ومحمد المنيع، وفي العام 1990 قدم «تناتيف» مع سميرة أحمد، هدى حسين، غانم السليطي وناصر محمد، كما قدم مجموعة مميزة من الأعمال الدرامية الأخرى من بينها «الناس بيزات» مع غانم السليطي، إبراهيم الصلال، أشرف عبدالباقي، وفاطمة الحوسني و«بيت المغتني» مع علي حسن، هدية سعيد، مريم زيمان وزينب العسكري، و«حتى إشعار آخر»، مع غازي حسين، هدى حسين وسناء بكر يونس، و«أحلام البسطاء» سحر حسين، غازي حسين، هدى حسين وسميرة أحمد، وفي العام 2000 قدم «عيال الذيب»، مع الفنانة حياة الفهد، والفنانة سعاد عبدالله، وفي العام 2002 قدم «نورة» مع هيفاء عادل، زينب العسكري، فايز المالكي، منى شداد، إبراهيم بحر، منى عبدالمجيد وفاطمة عبدالرحيم، وفي نفس العام شارك في مسلسل «شوية ملح» مع ناصر القصبي، عبدالله السدحان وفهد الحيان.. وفي العام 2003 قدم «يوم آخر» مع غازي حسين، هدى الخطيب، زهرة الخرجي، جمعان الرويعي ولمياء طارق.. وفي2005 «عندما تغني الزهور» مع حياة الفهد، ليلى السلمان، هدى الخطيب ونوال محمد و«قلوب للإيجار» باسمة حمادة، أمل مكي وهبة الدري و«تصانيف» مع غانم السليطي، هدية سعيد، وزهرة عرفات.. وكانت آخر محطاته الدرامية مع مسلسل «حالة خاصة» في العام 2016 مع الفنانة هيا عبدالسلام وفؤاد علي.
أما على صعيد المسرح فقدم عشرات المسرحيات الناجحة والتي تركت أثراً في نفوس الجمهور والنقاد من بينها: المال مال أبونا، ونجوم على الرصيف، ورحلة جحا إلى جزيرة النزهاء، وعنتر وأبلة، زلزال، مفلح في المريخ، كابتن ماجد، افتح يا سمسم، بشت المدير، البترول يا حكومة، صح النوم يا عرب، قطري 60 %، وأخيراً «ديرة العز» في العام 2017.
كما كانت له تجارب معدودة في الدراما الإذاعية أيضًا، وكل هذا الرصيد من الأعمال شكل به الراحل شعبية عريضة وجماهيرية وحبا في قلوب الجمهور القطري والخليجي والعربي كذلك.
صراع مع المرض
عاش الفنان الراحل صراعاً مع المرض ظل لسنوات حيث كان قد عاد منذ عدة أشهر من رحلة علاج في لندن، وكان في استقباله عدد من زملائه الفنانين وأخوانه الكرام ومحبيه، وقال وقتها: إن دعوات الناس له كانت الحافز الأكبر لعودته، وحباً في هذا النجم الخلوق تفاعل العديد من نجوم الفن القطري مع الصور التي انتشرت عبر وسائل التواصل الاجتماعي والجروبات الخاصة بـ«الواتساب»، معبرين عن سعادتهم بعودة النجم القدير إلى أرض الوطن حيث قال الفنان والمخرج سعد بورشيد: «وصول الفنان عبدالعزيز جاسم بالسلامة إلى أرض الوطن بعد الرحلة العلاجية في لندن والحمد لله».. وقال الفنان الشاب فيصل رشيد:«وصول الفنان القدير عبدالعزيز جاسم إلى أرض الوطن بعد رحلة العلاج في لندن.. محاطاً بالعديد من الفنانين والأهل ووسائل الإعلام، الذين يعشقونه كإنسان وفنان، فرحتنا برجوعك غير يا بوسعود، الحمد لله على السلامة أستاذي الفاضل عبدالعزيز، يا رب تقوم لنا بالسلامة، ويحفظك لنا بخير وصحة وعافية»، وقال الفنان محمد السني:«ألف تحية حب وتقدير وتهاني بسلامة الوصول والشفاء للفنان الكبير الغالي عبدالعزيز جاسم»، وكتب الفنان أمير دسمال:«حمداً لله على سلامة بوسعود الغالي، وقرة أعين الجميع بعودته سالما».
حب الوطن
للفنان الراحل محطات فنية ومواقف دافع فيها عن الوطن، وبالتحديد في أزمة الحصار على قطر، فمع بداية الحصار عبر الفنان الراحل عن حبه لبلده والدفاع عنه بفيديوهات قصيرة عبر مواقع التواصل بعنوان «في الصميم» وقال فيها: «من الوارد والطبيعي أن يتعاطف شعب خليجي مع شعب خليجي شقيق، لكن لكل منا رأي وكلمة وهذا هو المناخ الديمقراطي، واستدل جاسم بإحدى مسرحياته التي قدمها على خشبة مسرح قطر الوطني حيث كشف أن هذه المسرحية كان قد حضرها سمو الأمير الوالد وقال له إذا أردت أن تنتقد فانتقدني أنا أول واحد». وتابع: لا أحد يخاف فالحق لابد أن ينكشف للجميع ونحن نقول الحق ولا نعرف الخوف.
ورد الراحل وقتها على من يحرض الشعب القطري على حكومته قائلاً: أحب أقول لكل شخص يحاول أن يوقع بيننا الفتنة إننا متمسكون بحكومتنا ومساندون لقيادتنا ومدافعون عن الحق، بل سنظل متكاتفين ومتماسكين أكثر من الأول.
كما قدم الفنان عبدالعزيز جاسم مسرحية «ديرة العز» للتصدي والدفاع عن قطر الحضن والوطن والأم، وقد كرمت المسرحية مجموعة من أبناء قطر، الذين صمدوا أمام الحصار، ووقفوا في وجه التضليل الإعلامي والافتراءات، التي واجهت قطر طيلة تلك الأزمة.. وقد كرم الفنان عبدالعزيز جاسم، بطل المسرحية ومؤلفها ومنتجها، كلاً من الأستاذ محمد حمد المري، رئيس التحرير المسؤول لجريدة الوطن، والأستاذ عبدالله طالب المري، مدير التحرير لجريدة الراية.
وحققت المسرحية إقبالاً كبيراً ونجاحاً باهراً، وبشكل يومي تمتلئ الأماكن المخصصة للجمهور في مسرح قطر الوطني عن آخرها، وهو ما يدلل على أن الجمهور مازال متعطشا للمسرح، ويحتاج فقط النص القوي والمميز الذي يجذبه، وقد عاد الفنان عبدالعزيز جاسم، إلى الخشبة من جديد، بهذا العمل الوطني الذي يلامس مشاعر الجميع، من مواطنين ومقيمين، على أرض قطر الطيبة، التي تحتضن الجميع ولا تفرق بين أحد.
واتسمت عروض المسرحية بالحضور الجماهيري الكبير، من الجمهور الذي توافد على خشبة مسرح قطر الوطني بشكل لافت يومياً، وضمت المسرحية نخبة لامعة من نجوم المسرح والفن، على رأسهم سعد بخيت وسعيد المناعي ومحمد السني ومحمد أنور، مع نخبة من شباب وفتيات المسرح القطري.. والعمل اجتماعي كوميدي من تأليف الفنان عبدالعزيز جاسم، وإنتاج «منار للإنتاج الفني»، وتطرقت المسرحية إلى الجوانب الخاصة بقطر والأزمة الراهنة والحصار القائم على دولة قطر، وكيف تعاملت قطر، قيادة وشعباً، مع هذه الأزمة بكل حكمة وذكاء، ولم ترد الإساءة بالمثل أو تضلل الوعي العام وتشوه الحقائق مثلما حدث من جانب دول الحصار. وكان الفنان الراحل عبدالعزيز جاسم قد أكد أن فكرة المسرحية جاءته بعد أسابيع قليلة من الحصار الجائر على قطر، وأراد أن يقدم رسالة العمل في قالب كوميدي ليؤكد مقولة «شر البلية ما يضحك».. وتابع: «هي بلوة»، والشارع العربي كله يعرف أنها بلوة وظلم كبير وقع على قطر، وأحداث المسرحية وكتابتها لم تأخذ مني 20 يوماً، فالأحداث واقعية، ونعيشها، لذلك لم تأخذ مني وقتاً طويلاً.
copy short url   نسخ
15/10/2018
3516