+ A
A -
أمّا قبل:
عندما يغيب التفكير يحضر التكفير
وإذا ما حضر التكفير صارت المساجد للتفجير لا للتكبير!
أمّا بعد:
تل أبيب كانت أقرب إليهم من المدينة المنوّرة، ولكنّ لسبب لا يعلمه إلا الراسخون في التكفير، آثروا أن يأتوا إلى المدينة بدل أن يذهبوا إلى تلّ أبيب! لربما السبب في ذلك أن قتال المرتدين الذين يُصادف أنهم نحن أولى من قتال الكفار الأصليين! المسألة متعلقة بالأولويات إذاً، وقد وجدوا أنّ التفجير على مقربة من النبيّ أرفع في ميزانهم من ازعاج نتانياهو! الطّريق إلى دمائنا مُعبّد وسهل المسير، من المدينة إلى جدّة، ومن عدن إلى سرتْ، ومن دير الزور إلى القلمون، ومن أنقرة إلى غازي عنتاب، هكذا يقفزون فوق الخريطة برشاقة، وحدها الطريق إلى تل أبيب تسبب لخليفتهم شدّاً عضلياً فيقرر أن لا يسير!
كأنّه لا يكفي الأمة ما فيها حتى يخرج فيها هؤلاء أيضاً، لا يكفي أن تقتلنا إسرائيل في غزّة، وتقصفنا أميركا في أفغانستان، وتسحلنا روسيا في إدلب، ويسحقنا بشّار الغوطة، ويحرقنا البوذيون في ميانمار، وتستبيحنا فرنسا في مالي، ويذبحنا قطيع الحشد في العراق، ويغرس الحوثيون خناجرهم في ظهورنا في اليمن، ويزحف حزب الله لتحرير القدس في حلب بأمر وليّهم السّفيه، يا أخي حلّوا عنا ما فينا يكفينا!
عُذراً يا رسول الله لأنكَ لم تسلم منهم أيضاً!
عُذراً لخلافة قامت فينا على منهاج العبوّة!
عذراً لسُنّتك... عُذراً للحى الطويلة والدين القصير!
عُذراً للإزار المرفوع والتكفير المُسبل!
عُذراً للسواك الذي صار مسنّاً شحذوا أسنانهم فيه وأكلونا!
عُذراً للقرآن الذي يحملونه كما يحمل حمارٌ أسفاراً!
عُذراً لصحيح البخاريّ الذي لم يقرأوا فيه أن كلّ المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه!
عُذراً لصحيح مسلم الذي فاتهم أنّ مدينتك فيه حرم كلها من عير إلى ثور فمن أحدث فيها أو آوى محدثاً فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين!
عُذراً يا رسول الله لأن الذين آذوك في رسالتك وفي نفسك وفينا خرجوا من بيوتنا ومدارسنا ومساجدنا! ولكنّ عزاءنا أنك أخبرتنا أنّ هذا المرض في الأمة إلى قيام السّاعة، وقد شاهدنا نبوءتك عين اليقين، يقتلون أهل الإسلام ويتركون أهل الأوثان، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرميّة، يقرأون القرآن لا يجاوز حناجرهم!
عُذراً يا رسول الله، أصابنا المرض رغم أنك حذّرت، وإن كان المرض موجعاً، إلا أنّ أكثر ما أوجعنا أنهم آذوك!

بقلم : أدهم شرقاوي
copy short url   نسخ
09/07/2016
5240