+ A
A -
خالد وليد محمود
كاتب عربي
يشعر أحدنا أحيانا بأنه يعيش وسط لعبة كبيرة، كلما ظن أنه قد انتهى منها، بدت له تفاصيل أخرى ترمي فيه إلى مواقع أخرى من حيث يشعر أو لا يشعر. وإذا كان حجم التضليل والتدليس في حياتنا قد يستعصي رصده من خلال الأجهزة التكنولوجية المصنوعة بأيدي البشر، فإن هذا أيضا ينطبق أيضا على الإعلام، فالأخير سيف ذو حدين، ولم يكن يوماً عالماً أفلاطونياً مثالياً يعمه السلام والعدالة والمحبة، بل إن تضارب المصالح جعل منه سلاحاً فتاكاً في الصراعات عبر أسلوب القوة الناعمة Soft Power، التي تؤثر ببطء وعلى المدى الطويل، دون أن يلاحظها الكثيرون. فليس كل ما يُقال يمكن أن نصدقه، ولا حتى النظر إليه على أنه يمثل الحقيقة المطلقة. فكثير من الزعماء والحكام وأصحاب القرار يُخفون أجنداتهم وخططهم الحقيقية باستخدام الإعلام والدعاية بأشكالها وأنواعها المتعددة، وجميعها لها الدور الأبرز في تشكيل الرأي العام وتكوينه، إذ بفضلهما تنشأ حركات اجتماعية أو تندثر، وتبسط وتخف بعض الأزمات الاقتصادية، وتنشب الحروب، وتتأجج الصراعات، ويتم تأجيج وإشعال الخلافات بين الأيديولوجيات المختلفة.
الناقد والمفكر العالمي «نعوم تشومسكي»، يجيب على سؤال مفاده، كيف يؤثر الإعلام علينا نفسياً بهذا الشكل؟ من خلال بلورة 10 استراتيجيات يسلكها الإعلام الموجه لإحداث تلك التأثيرات النفسية. وقد استند تشومسكي في كشفه لتلك الاستراتيجيات إلى «وثيقة سريّة للغاية» يعود تاريخها إلى مايو 1979 تمّ العثور عليها سنة 1986، وتحمل عنوان: «الأسلحة الصّامتة لخوض حرب هادئة»، وهي عبارة عن كتيّب أو دليل للتحكّم في البشر والسيطرة على المجتمعات. وهي:
خلق المشاكل وتوفير الحل، استراتيجية التدرج والتأجيل، خطاب العامة كأنهم «أطفال»، واستخدام الجانب العاطفي بدلاً من الجانب التأملي، إبقاء العامة في حالة من الجهل والغباء، تشجيع العامة على الرضا بجهلهم، تحويل التمرد إلى شعور ذاتي بالذنب، العمل على معرفة الأشخاص أكثر مما يعرفون أنفسهم، وأهم استراتيجية تحدث عنها هي «الإلهاء»؛ أي تحويل اهتمام الناس إلى قضايا تافهة عوضا عن تركيزهم على قضايا مصيرية وحقيقية، وهذه الوظيفة لا يمكن عزلها عن الوظائف الأخرى كالأخبار والترفيه، إلا أنها تمتاز عنها بخصوصية الهدف من هذه الوظيفة.
copy short url   نسخ
03/02/2021
1542