+ A
A -
خالد وليد محمود
كاتب عربي
تذكر كتب التاريخ أن «نيرون» طاغية روما أسسّ مدرسة خاصة لتعليم أصول التصفيق وبالعامية «التسحيج»، وأنه كان يأمر ما يقرب من خمسة آلاف فارس وجندي من أفراد الجيش بحضور الحفلات التي كان يغني فيها، وهو يعزف على القيثارة ليصفقوا له بعد أن ينتهي من الغناء والعزف.
اليوم، كم من أكف ضُربت ببعضها بعد كل عبارة لا تعني شيئا وليس بالضرورة أن تعطي مدلولا أو فائدة.. مثلا الجماهير والشعوب العربية لطالما كانت تخشى من عدم التصفيق ليس لعدم اقتناعه بما يقوله المسؤول، بل خوفا من أن يتهمه أحد بعدم المولاة وحتى العمالة، أو أقله رياء ونفاقا لا أكثر!
?ثمة عبارة لأحد الكتّاب لا يستحضرني اسمه يقول فيها إن «التصفيق هو الطريق الوحيد الذي نستطيع أن نقاطع به أي متحدث دون إثارة غضبه»، وهذا بالضرورة صحيح، إذ نادرا ما ترى مسؤولا أو خطيبا كان أو متحدثا (يمكن أن يثار غضبه) عندما يقاطعه أحد بالتصفيق حتى لو لم يتم إنهاء جملته! ولنا في المسلسلات السورية والدراما المصرية خير مثال على تجسيدها لهذا الواقع، فكم من مشهد رأيناه وصل فيه المستمع إلى درجة يمكن أن يفقد فيها توازنه وهو يصفق بهيستيريا جنونية ويهتف عاليا بملء حنجرته
ليس بعيدا عما بدأنا به، أختم بطرفة وصلتني، تقول إن مسؤولا حكى نكتة خلال اجتماع عام بموظفيه، فقهقهوا جميعا بصوت عال باستثناء موظف وحيد، ظل صامتا ولم يبد اهتماما بنكتة المدير أو المسؤول. فسأله المدير غاضبا: لماذا لم تضحك؟ ألم تعجبك النكتة (الطرفة)؟ فأجاب الموظف ببساطة: لم أضحك لأني قدمت استقالتي قبل الاجتماع بدقائق!
لقد سئمنا النفاق والكذب والرياء وتزييف الحقائق، لقد التهبت الأكف جراء التصفيق منذ عقود طويلة...هلّلنا وطبّلنا في كل الخطابات والمؤتمرات، صفقنا لكل شيء وهاكم النتيجة..
copy short url   نسخ
16/12/2020
2234