+ A
A -
خالد وليد محمود
كاتب عربي
اعتبر الروائي التشيكي المعروف «ميلان كونديرا» في كتابه «الضحك والنسيان» أن الذين لا يتقبلون المزاح هم أعداء حقيقيون للضحك وهؤلاء - كما يصفهم في كتابه - أُناس محترمون وأذكياء، لكنهم لا يقدرون على التعامل التلقائي مع الضحك، وإن عدم قدرتهم هذه كامنة في أعماقهم لا يمكنهم تغييرها ببساطة «إنهم المتجهمون الدائمون»، وفي الوقت نفسه، لا أحد يستطيع أن يفعل شيئا باتجاه تحريك هـذا الموقف الصارم لديهم تجاه الضحك.
عزيزي كونديرا، نحن من جيل المتجهمين الذين تربوا على مقولة الأجداد والآباء «خير اللهم اجعله خير» ويكفينا شر هالضحك!!
الأمثال في هذا المجال يا عزيزي غرست في الذاكرة ولا تكاد تفارقها، لا «تضحك» فالضحك عيب، والضحك بدون سبب قلة أدب! الضحك ليس للرجال... فكيف بالله عليك سنضحك وقد ترعرعنا على الجدّ وأن الضحك عيب، يميت القلب والحس والخجل؟! ونحن الذين لو شاهدنا طفلاً يضحك لدقائق متصلة ننهره بشدة، على اعتبار أن ما يقوم به تفاهة وفراغ وقلة أدب خصوصا إن كان أمام الكبار.. فهذه التربية الكئيبة البائسة كانت كفيلة بخلق أجيال أكثر كآبة وأكثر جدية، رغم أن الجدية لا تتنافى مع لحظات من الاستمتاع بالحياة!
الدراسات والأبحاث تؤكد على أهمية الضحك وفائدته للصحة خاصة «لوجع القلب» وشحن الأعصاب ونظام المناعة والضغوط النفسية ونحن المصابون بها على مدار سنين العروبة؛ إلا أنه مع هذا مازلنا نتشبث بثقافة العبوس وإعلاء راية «التكشير»، على اعتبار أن الضحك يقل الهيبة والاحترام، ويهز المكانة الاجتماعية حتى بالغنا في عبوسنا!
أيها المتجهمون المطاردون بالماضي الخشن: اضحكوا من قلوبكم ولا تخشوا زوال هيبتكم أو مكانتكم، فضحكة مع صدق أفضل ألف مرّة من «هيبة» منافقة!
copy short url   نسخ
02/12/2020
1842