+ A
A -

كانت إحدى صديقاتي تتعامل مع شركة ترسل لها المساعدات بنظام الساعة.وبأحد الأيام، قبل سنوات من كورونا، جاءتها المساعدة كالمعتاد بالثامنة صباحًا لتبدأ تنظيف البيت.قالت لها صديقتي: أنت اليوم ضيفتي لا مساعدتي، لم تفهم الشابة الفلبينية الموضوع والتبس عليها الأمر فأوضحت لها صديقتي أن كل ما عليها ان تفعله هو الصعود لأعلى حيث غرفة المعيشة ومشاهدة التلفاز أو مطالعة جوالها وقضاء وقت ممتع أو على الاقل الراحة التامة، بدت المساعدة مرتبكة ومشوشة: أنا لا أفهم ما الأمر سيدتي؟قالت صديقتي: أشعر أنك تتعبين كل يوم، فانت تستيقظين من الخامسة صباحاً وتعملين جاهدة حتى الثالثة عصرًا ثم ترتاحين ساعة وتنتقلين للعمل بالنادي الرياضي حتى العاشرة ليلاً. هذا مرهق للغاية وأنا أشعر بك تماما لأني ربة منزل، لذا، أريد ان أهديك يوماً من الراحة كهدية، فافعلي فيه ما تشائين، آمري.. تدللي.. ارتاحي.قالت: شكرا سيدتي، كل الشكر، هذا كرم منك، لكني أريد أن أعمل لأحصل على أجرتي.قالت صديقتي: بالطبع ستحصلين عليها مقابل راحتك وقضائك يوم عطلة بلا عمل، اعتبري الأمر هدية مني لك.صعدت المساعدة لغرفة المعيشة، فقامت ربة المنزل بتحضير صينية فضية وضعت عليها الفطور والعصائر والحلوى للمساعدة، ووضعت فيها مزهرية صغيرة بها بعض الياسمين بجانب الطعام والشراب.طرقت الباب فلم ترد المساعدة، فدخلت ببطء لتجد التلفاز مفتوح والمساعدة تغط في نوم عميق من اثر التعب.ولما استيقظت سألتها صديقتي: أتريدين التنزه قليلاً في المجمعات التجارية؟ فركت المساعدة عينيها وقبضت على معصمها تريد التأكد انها ليست في وضعية حلم، ثم أومأت بالقبول، فاخذتها صديقتي لمقهى ثم ابتاعت لها ولأسرتها بعض الهدايا التذكارية.مرت الساعات سريعاً وفي آخر اليوم تأكدت المساعدة أن الأمر حقيقة ولا خدعة فيه... فكانت في منتهى السعادة والرضى، بل وفي منتهى الامتنان.تقول لي صديقتي: يصلني كل عام رسالة من المساعدة «كاتي» بعد أن عادت إلى وطنها الفلبين، وفي تلك الرسائل تقول: لن أنساك أبدا سيدتي الفاضلة، فأنت من ذكرتني أنني إنسانة يحتفى بها، وأنت من ذكرتني أنه يحق لها أن تطلب إجازة لأرتاح فيها من عناء العمل لأني انسانة، لا ماكينة تعمل للخدمة بدون تقدير.

copy short url   نسخ
20/08/2022
5