+ A
A -
خولة مرتضوي
تتنامى حول العالم الكثير من المبادرات والمشاريع والحملات التي تُعنى بترسيخ ثقافة الريادة الاجتماعية وتشكيل أفراد يعملون في هذا الجانب، حيث تكمُن أهمية الريادة الاجتماعية من وجهة نظر المخططين الاستراتيجيين في أنها تقوم بإيجاد وتطبيق عددٍ من الحلول المبتكرة للتحدّيات والمشكلات التي يواجهها المجتمع، توجيه قدرات الشباب للبدء بإنشاء وابتكار مشاريع نوعيَّة تهدف بشكلٍ جادّ إلى إيجاد حُلول ناجعة للتحديات الراهنة والدفع، بالتالي، بعملية التنمية المستدامة والتقدُّم المجتمعي إلى الأمام.
إنَّ هذه الثقافة الإصلاحيَّة الرياديَّة الإصلاحيَّة إذا رُسِّخَت في مجتمعاتنا العربية والإسلاميَّة فإنَّها بلا شك ستقوم بدورٍ كبير في عملية التغيير المجتمعي وإعادة الحياة والأمل لحضارتنا الغائبة، فأغلب مشاكل اليوم تنحصر في جانبين، هما: الأول الاستعمار هذه العلَّة التي انفككنا منها شكليًا بشكلٍ جزئي، لكنَّها متوغلَة في كافَّة أقطارنا بشكلٍ أو بآخر وهي تنخر من مواردنا وخيراتنا وحياتنا بشكلٍ جليٍ جدًا، مُستهدفًا في هذه المرحلَة الثانيَة، كسب ولاء القادَة والمؤثِّرين في المجتمَع، وامتصاص الموارِد والثروات المُختلفَة المادِّيَّة مِنها والمعنوِيَّة، وإحكام القبضَة السياسيَّة والاقتصاديَّة على هذِهِ الشُعُوب. أما الجانب الثاني فيكمُن في قابلية الفرد على الاستعمار، فهو آتٍ من النفس التي تقبَلُ على نفسها التبعيَّة والذُلَّ والمهانَة وتيسِّر للاستعمار الطُرُق والدرُوب، ولن تنجُو أيُّ أمَّة أو شعبٍ إلّا إذا تخلَّص من هذِهِ الروح التي تتوفَّرُ معها القابليَّة للاستعمار، وهذا الأمر لن يتحصَّل من خِلال الخُطب الرنّانَة أو المهرجانات الأدبيَّة أو الشعريَّة أو الدعويَّة، وإنَّما بتحوِّلٍ نفسِيٍ جادّ يُصبح الفرد فيه متمكِّنًا من القيام بأدوارِه وواجباتِه الوطنيَّة والاجتماعيَّة باعتزازٍ واقتدارٍ وأهَليَّةٍ تامَّة، وحينئذٍ ستتبدّدُ قابليتُهُ للاستعمار وسيحِلُّ مكانَها الاستقلال، وحينها لن يرضَى على نفسِه ووطنِه أن يكُونَ تابِعًا مُستغَلًا منهُوبًا من القُوى الاستعماريَّة المختلفة، يَقولُ اللهُ تعالى في سورة الرعد: (إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى? يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلَا مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُم مِّن دُونِهِ مِن وَالٍ).
إنَّ بمقدور ثقافة الريادة الاجتماعية (الإصلاح المجتمعي) أن تحوِّل الفرد المستكين السلبي الذي يرفع شعار (هذا ليس لي - ليس من شأني - مالي خصّ) إلى شخصٍ يُشمّر الثوبَ عن ساعديه ويتخِذ خطواتٍ متقدمة نحو إيجادِ حلٍ لأيٍ من التحديات التي تواجه محيطه القريب، فقبل أن نُطالب بحقوقنا في هذا المجتمع الإنساني علينا أن نلتفت لواجباتنا، وقبل أن تكبر التحديات وتصبح كالجبال الشاهقة علينا أن نستجيب لها بالتفكير وبذل الجهد والعمل لإزالتها ومواجهتها بشكلٍ فوري.
{ إعلاميَّة وباحثة أكاديميَّة - جامعة قطر
copy short url   نسخ
17/10/2020
2682