+ A
A -
خالد وليد محمود
كاتب عربي
يقول عبد الرحمن الكواكبي: «الاستبداد يقلب الحقائق في الأذهان، فيسوق الناس إلى اعتقاد أن طالب الحق فاجر، وتارك حقه مُطيع، والمُشتكي المُتظلم مُفسِد، والنبيه المُدقق مُلحد، والخامل المسكين صالح، ويُصبح -كذلك- النُّصْح فضولا، والغيرة عداوة، الشهامة عتوّا، والحميّة حماقة، والرحمة مرضا، كما يعتبر أن النفاق سياسة والتحايل كياسة والدناءة لُطْف والنذالة دماثة».
أليس هذا ما نشهده ونعيشه ويحصل بين ظهرانينا بهذا الزمان؟! إنّ قلب الحقائق في الأذهان هو كل ما نراه اليوم في أوطاننا العربية التي تغص بالاستبداد بمختلف أشكاله، فالاستبداد يعد أهم المحددات التي تكبل الواقع العربي، ومن أقبح أنواعه هو استبداد الجهل على العلم واستبداد النفس على العقل.
وهنا لا بدّ من القول بأن الحرية هي شرط أساسي للتقدم العلمي، وبالتالي فإن الاستبداد بأشكاله السياسية أو الاجتماعية أو العلمية والفكرية، قد انتهى لإفراز تخلف عربي كبير، إذ من كل الدول العربية، التي لديها مئات الجامعات، لم نجد إلا حوالي 10جامعات عربية قد دخلت تصنيف شنغهاي لقائمة أفضل 1000 جامعة على المستوى العالمي، خلافا للدول «غير الاستبدادية» التي تعتلي جامعاتها هرم تلك القائمة. إنّ العلم والاستبداد لا يلتقيان؛ إذ إن تربة العلم لا تُنبت الاستبداد والأخير لا ينبت في تربة العلم بل له تربته وبيئته الخاصة وظروفه المناخية التي ينمو ويترعرع فيها، وكلما كان التخلف متجذرا، وله صولة وجولة كلما وفرّ للاستبداد فرص النمو والتمدد والتغول.
كلمة أخيرة؛ عندما تقرر الوقوف ضد الظلم، توقع أنّك سوف تشتم ثم تتخون ثم تتكفر لكن إيّاك أن تسكت عن الظلم من أجل أن يقال عنك أنك رجل سلام أو بحجة دفع الضرر الأكبر بالضرر الأصغر! لا تقف أبدا موقف المتفرج من الظلم أو الغباء، فالقبر سيوفر متسعا من الوقت للصمت.
copy short url   نسخ
07/10/2020
2508