+ A
A -
خالد وليد محمود
كاتب عربي
في أيلول لا شيء يعلو على صوت السكون، وحنين مغترب يسابق قلبه عقارب الوقت باحثا عن تفاصيل الأشياء الجميلة، وفي العشر الأواخر من أيلول لا شيء يشهد على الغياب سوى دمعات الأمهات اللواتي تركنها معلّقةً خلف الشبابيك!
لا أخفيكم شعوري الذي يغمرني عند مساء «أيلولي» يحرّضني على الكتابة، لا أدري ألِئن به شجنا يُشعل مراجل الشوق الممزوج برائحة الشتاء، أم لأنه شهر لا ينافق في إظهار الطبيعة على حقيقتها، أو لأنني أتحسس فيه عمري المسافر بين العواصم؛ فأرى بقايا وجع مغترب تنهشه الذكريات وغصّات انفعال.
إنها أواخر أيلول يا رعاكم الله، حيث الحنين إلى الذات المثقلة كهديل حمامة بحّ صوتها خريف الفصول، حاملا سكونا ينام على ألف عاصفة اشتياق، وذاكرة تأخذني أكثر عمقا نحو الطفولة، تنقلني بين حزن قديم وفرح عابر لحدود الذكريات العتيقة، ينثر همْسَه ويعيدني إلى زمن كان فيه الهواء أنقى، والحب أحلى.
أيلول.. يا رائحة الشتاء القادمة المختبئة وراء أوراق الخريف الهاربة، يا طعم «الميرمية» التي تخبئها الأمهات، يا نسمات الصباح الممزوجة برائحة البلاد، يا عبق الأرض ولحظات ما قبل الأمل، يا شجن الأمنيات البيضاء والآمال المتجددة.
أيلول يا أيلول.. يا بداية الغياب والبيات، يا خابية الحكايا وموقد الاشتياق، يا شهر البدايات والنهايات، يا قصص الأمهات والجدات الدافئة، يا منبّه الذكريات التي لا تنام.. ابقَ لنا كما كنتَ محمّلاً بصباحات الندى وابتهالات المدى، كل ما نريدك هو أن تبقى حكاية جميلة، فهلّا فعلتْ؟!
[email protected]
copy short url   نسخ
30/09/2020
2706