حسن شكري فلفل
كاتب عربي
أنت سعيد عزيزي القارئ، لو كنت محظوظا، ووقاك الله صحبة من يقف على زورك حينما يفتح عليك بفكرة أو ملاحظة أو مجرد رأي، تلك العينة من بعض خلق الله ابتلاء، ما منه اتقاء، كصاحبي «أبونعيم» فهو في صحبته «المؤنسة» مع العبد لله، يحتفظ بلازمة لا يحيد عنها: أصل أنت ما تفهمش يا بو شكري، أو قوله -حفظه الله- أنت مش فاهم يا بو شكري، وعلى العبد لله، اللي هو أنا، أن يصحح مفاهيمه على إيقاع صاحبي «أبو نعيم».
وصحبته هذه ليست كصحبة الكتاب التي قال فيها شوقي:
صحبة لم أشك منها ريبة.. ووداد لم يكلفني عتابا
كلما أبليته جددني... وكساني، من حلى الفضل ثيابا
هي صحبة قدرية، ويدرك «أبونعيم» قدرية هذا الوضع فيتمادي في تفهيمي، وردي إلى جادة الصواب، فأنا مثلا أطرب لعبد الوهاب، وتعجبني قصائده المغناة كقصيدة عزيز أباظة «همسة حائرة»، فأردد على مسمعه وصف الشاعر ليلة مقمرة على شاطئ النيل، أمضاها وحبيبته الراحلة:
لم يشهد الراصد الفضي قبلهما... إلفين هاما تباريحا وأشجانا
فيصوب لي: «أصل انت ما تفهمش يا بوشكري، هي الراقب، مش الراصد»
مع أن الصورة واضحة، وهذا الذي لم يشهد إلفين بمثل هذا الصفاء والحب من قبل، في جلسات كهذه
هو القمر الذي يرصد خلوة الأحباب في لياليه! لكن صاحبي الدقر أبونعيم، أعطى للقمر وصف الراقب وهو وصف لم تقع عليه عيناي فيما تصفحت في كتب الأدب ومهالك العشاق. ما لنا وهذا، نمشيها لصاحبي أبو نعيم الدقر، لكن فتاواه وتصويباته للعبد لله في مسائل الأخبار والأحداث ما تمشيش، لأنني أزعم أن خير ما ابتليت به وشره، هو عشقي للأخبار وتداولها وتعليلها!