+ A
A -
سعاد فهد المعجل كاتبة كويتية

يأتي الإنسان كأضعف الكائنات على وجه الأرض، فالحيوان والنبات ثَبَتَ بيولوجيًا أن لديهما قدرة على البقاء تفوق مقدرة الإنسان بمراحل، ومعيار القدرة على البقاء هنا أو القوة يُقاس بمدى ذكاء الكائن على التكيّف مع البيئة المحيطة به.في عالم الحيوان كما النبات يكون للصراع مبرراته كالحصول على الغذاء أو الظّفر بقرينه الذي يضمن له استمراريته كنوع، لذلك يمكن القول إن هنالك شيئاً أقرب للاتفاقيات داخل عالم الأحياء والحيوان بالتحديد لتحاشي قتل النوع، وفي أغلب الحروب والصراعات داخل مملكة الحيوان، هنالك إقرار بالهزيمة من جانب الطرف الأضعف ينتهي معها الصراع، ويؤدي ذلك إلى حماية مباشرة للنوع. وقد عبّر عن ذلك أحد علماء البيولوجيا في رصده لسلوك الحيوانات وطبيعة الصراع داخل نوعها حين قال: «إن للحيوانات شريعة أخلاقية تعيش بموجبها وتتقيّد بها تقيّدًا أفضل من تَقيّد البشر بشريعتهم».فما الذي يجعل للأحياء الأخرى مثل هذه المنظومة من السلوكيات الأخلاقية بينما تَغيب تمامًا من مجتمع البشر؟ والإجابة هنا استدعت طروحات مُكثّفة من قِبَل علماء النفس والبيولوجيا، ولا تزال الأبحاث مستمرة للكشف عن أسباب تفوّق الحيوان والنبات على الإنسان هنا.تعلّمنا في دروس العلوم ونحن صغار أن الإنسان حيوان ناطق وذو عقل، وبأنه كائن اجتماعي وله القدرة على استرجاع المعلومة وتطويرها، وبالتالي تمكّن بفضل ذلك من أن يكون له تاريخ، لكن في المقابل هنالك من يرى أن عقل الإنسان هو في الحقيقة سلاح ذو حدّين، وبأن أغلب مشاكل البشر النفسية والصحية تعود لامتلاكهم مثل هذا العقل.في تقرير نشرته «بي بي سي» منذ ما يقارب خمسة أعوام طرحت فيه سؤالًا حول ماذا يمكن أن يحدث إذا أصبحت جميع الحيوانات ذكية مثلنا؟ وهو السؤال الذي أجاب عليه أحد أساتذة علم تطوّر سلوك الكائنات الحيّة بقوله إن الفوضى سَتَكون الكلمة المناسبة لوصف ما قد يحدث، مضيفًا أنه لا ينبغي علينا بالقطع افتراض أن الاتصاف بالذكاء هو أمر جيد.الغريب أن أغلبنا يَفتَرِض حتى مع غياب الدليل العلمي هنا أن الإنسان يملك قدرة أقوى من سائر الكائنات على البقاء. وقد نكون بالفعل قد تَفَوقنا كنوع على الأنواع الأخرى بقدرتنا على تطوير قدراتنا المعرفية، لكن ذلك ليس العامل الوحيد الذي يَضمَن البقاء والذي يشتَرط أمورًا اكثر تعقيدًا من ذلك. الخلاصة أن الإنسان ربما ليس الأقوى في قائمة الأنواع، لكنه حتمًا الأخطر.

copy short url   نسخ
10/08/2022
10