+ A
A -
عما قريب، ستصبح مدن بأكملها، مدنا للقتل بالهواء الفاسد!
الإحصاءات الصحية الأممية تتحدث كل عام عن موت الملايين، بالهواء الملوث.. لكن برغم هذه التحذيرات، يبدو أن المعنيين في حكومات تلك الدول، غير معنية برئة الإنسان، ولا أنفه.. غير معنية بحياته، على الإطلاق!
المشكلة أسبابها واضحة، لا تحتاج إلى إعمال العقل للوقوف على أسبابها. المشكلة في كل هذه العوادم التي تنفث ثاني أكسيد الكربون- العاز القاتل- الذي يخيّم في سماء تلك المدن، ويأخذ شكل غلالة سوداء.. ما أبشعها!
لا إراديا، أتحسسُ الآن، أنفاسي.
لا إراديا، حتى وأنا أكتب- عن التلوث، أشعر كما لو أن رئتي الإثنتين، لا تشتغلان بذات الفاعلية، كما لو كنت في بلدة ريفية جميلة، لا عوادم فيها، تزفر السم القاتل!
حيث كانت الدول الفقيرة، كان التلوث.
وكان الموت، رويدا رويدا، بالاختناق التدريجي.
ترى، هل كتب على الفقراء، في أي مكان، أن يظلوا فريسة للموت بالجوع، والطعام البائس، والأمراض والأوبئة القديمة، والحكام الضالين.. وحتى بالهواء الرديء، ذلك الذي يتلف الأنف، والقصبة الهوائية، والرئتين، ويرسم بيده الخشنة سرطانات الجهاز التنفسي، إجمالا؟
يا للفقراء. ليس لهم، من حكومات، تحميهم من جهلها بأبسط التدابير اللازمة، لجعل حياتهم أطول، بعض الشيء!
مدن تختنق شوارعها بسيارات الديزل، والركشات، والسيارات التي تئن في الطرقات، ولا يزال مسؤولوها يصدقون بالمزيد، برغم كل رجالات المرور، الذين تحولوا إلى جباة مخالفات مرورية!
رجل المرور القوي، بإمكانه أن يساعد في تنقية الهواء، بإحالة أي ركشة أو سيارة تعبانة، إلى الصالح العام..
لكن أين هو هذا الرجل؟
بإمكان أي محافظ مدينة، أن يصير صديقا للبيئة، لو حافظ- بقرار واحد- على مدينته.. قرار يمنع كل الآليات التي تنفث عوادمها في الهواء الفاسد.
لكن أين هو ذلك المحافظ، الذي لا يحافظ إلا على كرسيه.
بإمكان أي رئيس دولة- بقرار واحد- أن يحافظ على الجهاز التنفسي لشعبه.. لكن أين هو هذا الرئيس الهمام، الذي لو اختنق في دولته، ذو كبد رطبة، واحد، لكان هو المسؤول عنه؟
المحافظة على سلامة الهواء، تتعدى رجل المرور، والمحافظ، ورئيس الدولة، إلى صاحب أي مركبة، ذات عادم واحد، أو عادمين.
إنها مسؤولية، تكاملية..
إنها إحساس واع، بفداحة الخطر!

بقلم : هاشم كرار
copy short url   نسخ
21/06/2016
964