+ A
A -
جريدة الوطن
يكلف تصنيع الأثاث مبالغ طائلة تُنفق على العديد من العمليات، منها قطع الأشجار ونقلها، إلى جانب تكلفة تشغيل المصانع بما تتضمن من عمالة وآلات، ناهيك عن الأضرار البيئية التي يتكبدها كوكبنا جراء تلك الممارسات. وهي الأمور التي دفعت مجموعة من باحثي جامعة «إم آي تي» (MIT) الأميركية إلى محاولة زراعة نباتات معمليا وتعديل صفاتها كي تمتلك خصائص مشابهة للأخشاب، مع إمكانية تعديل شكلها أيضا.وقد نشر مركز «إم آي تي» الإعلامي بيانا صحفيا مفاده نجاح مجموعة من الباحثين في ابتكار تقنية قابلة للتوليف لإنتاج مواد نباتية مشابهة للأخشاب معمليا، ونشرت نتائج الدراسة في عدد أبريل من دورية «ماتيريال توداي» (Material Today).اعتمدت التقنية على التحكم في صفات خلايا نبات «زينيا» (Zinnia elegans) المادية والميكانيكية كيميائيا، وذلك لإكسابها بعض صفات الأخشاب، مثل الكثافة والصلابة، وهو الأمر الذي يُجَنِب صُنَّاع الأثاث الحاجة إلى قطع أشجار الغابات، كما يوفر الوقت المطلوب لنمو الأشجار كي نحصل على أخشابها، وهي الفترة التي تمتد لعشرات السنوات.الهــــدف ليــــس الحصــــول على الأخشاب فحسبتوضح أشلي بكويث -المؤلفة الرئيسة للدراسة- الهدف من التجارب، قائلة «تكمن فكرة الدراسة في زراعة المواد النباتية كي تنمو بالشكل الذي يحتاج الفرد إليه تماما، دون أن يتطلب ذلك المزيد من العمليات الصناعية، ما يَخفِض من الطاقة المطلوبة للإنتاج، ويحد من كمية النفايات الناتجة عن تلك العمليات».ولتحقيق ذلك الهدف، استخدم الباحثون تقنيات الطباعة الحيوية ثلاثية الأبعاد لتشكيل المواد النباتية، والحصول على أجسام ذات أحجام وأشكال محددة لا يمكن الحصول عليها طبيعيا عبر زراعة الأشجار التقليدية.ورغم حداثة الفكرة والتطبيق، تشير الدراسة إلى إمكانية زراعة نباتات ذات صفات معدلة، مما يُنبئ باحتمال إنتاج مواد خشبية محددة الشكل والحجم يمكن الاعتماد عليها مباشرة دون الحاجة لأي عمليات تصنيعية، مثل المواد القوية الداعمة لجدران المنازل، أو مواد ذات خصائص حرارية معينة تستخدم لتدفئة البيوت.كيف تؤثر الهرمونات على نمو الخلايا النباتية؟تبدأ التجربة بعزل خلايا نبات «زينيا» وزرعها في وسط سائل لمدة يومين، ومن ثَم نقلها إلى وسط هلامي يحتوي على المواد الغذائية اللازمة لنمو النبات، ونوعين من الهرمونات.توضح بكويث «تحدد الهرمونات الموجودة في جسم الإنسان كيفية تطور الخلايا واكتسابها صفات معينة تحدد نوعها ودورها. كذلك الأمر في النباتات، إذا ما عدلنا تركيزات الهرمونات في الوسط الهلامي، فبإمكاننا الحصول على تغيرات واضحة فيما يتعلق بالشكل الهيكلي للنبات».وقد أشارت الدراسة إلى أن رفع المستوى الهرموني بالوسط الهلامي يؤدي إلى نمو خلايا صغيرة ذات بنية كثيفة، وزيادة صلابة المواد النباتية المزروعة، بالإضافة إلى زيادة كمية اللجنين (Lignin) وهو مُرَكَب يترسب في جدران الخلايا النباتية فيُكسبها المتانة ويجعلها أكثر «خشبية».ويضيف لويس فيلاسكيز جارسيا الباحث المشرف على الدراسة «تساهم تلك التقنية في تطوير الخلايا النباتية لما يشبه الخلايا الجذعية، أي أن الباحثين يستطيعون توجيه تلك الخلايا فتتطور وتنتج خلايا بالصفات التي يريدونها».فوائد بيئية واقتصاديةوأوضح الباحثون بداية دراستهم خسارة كوكب الأرض أكثر من 15 مليار شجرة سنويا، ويتوقع العلماء اختفاء الغابات التام خلال الفترة ما بين 100 و200 عام جراء استمرار تلك الممارسات، الأمر الذي يؤثر بالضرورة على المحاولات الدولية لتخفيف تأثير التغيرات المناخية.وتمثل الأخشاب ضرورة قصوى للعديد من الصناعات، وطبقًا لموقع ستايستا (Statista) بلغت مبيعات الأثاث 114.5 مليار دولار بالولايات المتحدة فقط عام 2019. وقد تسهم التقنية الجديدة في توفير عديد المصروفات المتعلقة بتصنيع ونقل الأخشاب، وسد الحاجة البشرية لاستهلاك المنتجات الخشبية، إلى جانب تقديم وسيلة آمنة بيئيًا لإنتاج الأخشاب.ويأمل الباحثون إجراء المزيد من التجارب لفهم التطور الخلوي والتحكم فيه بصورة أكبر، كما يسعون إلى استكشاف تأثير المواد الكيميائية والجينية الأخرى على نمو النباتات. ويقول جارسيا «لا يستطيع نبات زينيا إنتاج الأخشاب، إلا أن تطبيق تلك التقنية على الأشجار المفيدة تجاريا، مثل الصنوبر، يستدعي تعديلها- أي التقنية- بما يتلاءم مع نمو ذلك النوع من النباتات».
copy short url   نسخ
06/08/2022
0