+ A
A -
جريدة الوطن
أعلن فريق من «جامعة برمنغهام» البريطانية، بالتعاون مع مختبر العلوم والتكنولوجيا الدفاعية البريطاني، إنتاجهم أول ساعة كمومية صغيرة في حجمها، لدرجة تمكّنها من العمل في العالم الواقعي، بعد أكثر من 10 سنوات من العمل في المختبرات.وحسب الدراسة التي نشرها هذا الفريق في دورية «كوانتم ساينس آند تكنولوجي» (Quantum Science and Technology)، فإن الساعة الجديدة كانت بحجم «صندوق» يستوعب نحو 120 لترا ويزن أقل من 75 كغم.وقد تبدو كبيرة الحجم بالنسبة لك، لكن الساعات الكمومية السابقة كانت بحجم شاحنة أو مقطورة، أي تتسع لنحو 1500 لتر، وحتى تتضح لك الصورة، الثلاجة المنزلية المتوسطة تشغل حيزا يساوي حوالي 350 لترا.. ظهر هذا النوع من الساعات الكمومية عام 2010 حينما طور باحثون من «المعهد الوطني الأميركي للمعايير والتكنولوجيا» (NIST) جهازا كان عبارة عن أيونات مفردة مبردة بالليزر محصورة معا في مصيدة أيونات كهرومغناطيسية، وكانت الساعة أكثر دقة 37 مرة من المعيار الدولي الحالي.وتعمل الساعات من هذا النوع باستخدام شعاع ليزر دقيق لإنتاج تذبذبات كمومية في الذرات، ثم قياس هذه التذبذبات بدقة عالية، بينما يكون ترددها (عدد مرات تذبذبها) مقياسا للزمن المنقضي.لكن منذ ظهورها، تمثَّل التحدي الذي يواجه العلماء أولا في حجم الساعة ووزنها، وثانيا في تقليل التأثيرات الخارجية على القياسات، مثل الاهتزازات الميكانيكية والتداخل الكهرومغناطيسي.لذلك يجب أن تتم القياسات في غرف فارغة تماما بدون أي تدخل، وتستخدم هذه الغرف لاحتجاز الذرات ثم تبريدها بالقرب من قيمة «الصفر المطلق» حتى تصل إلى حالة يمكن لأجهزة الاستشعار الكمومية الدقيقة أن تتلاعب بها.في تصميمهم الجديد، أظهر الباحثون، حسب البيان الصحفي لجامعة برمنغهام، أنه يمكن التقاط ما يقرب من 160 ألف ذرة شديدة البرودة داخل الغرفة في أقل من ثانية واحدة فقط، وهو رقم يجعل هذه الساعات أدق بـ10 آلاف مرة من الأرقام المعتمدة سابقا.وحسب دراستهم الجديدة، أكد الباحثون أن بإمكانهم نقل الساعة لمسافة تزيد على 200 كيلومتر خارج المختبر ثم إعدادها -بواسطة شخص واحد فقط- لتكون جاهزة للعمل في ساعة ونصف الساعة، مع مقدرة على تحمل درجات الحرارة خارج المختبر.كل ما سبق من التطورات يفتح الباب لاستخدامات عملية شديدة الأهمية لهذا النوع من التكنولوجيا.تطبيقات هائلةفي العالم المعاصر، ينظر إلى الساعات الدقيقة على أنها ضرورة جوهرية في مجالات مثل الاتصالات عبر الإنترنت في جميع أنحاء العالم أو أنظمة الملاحة أو سوق الأسهم حيث يمكن لأجزاء من الثانية أن تحدث أثرا اقتصاديا كبيرا.على سبيل المثال، تسمح الساعات الأدق بفترات أطول بين الحاجة إلى إعادة مزامنة الساعات في النطاقات المختلفة من الإنترنت داخل أجهزة الدولة. إلى جانب ذلك، تفتح الساعات الدقيقة المجال لتطبيقات تحديد المواقع والملاحة في المركبات ذاتية القيادة كي تكون أكثر أمانا؛ لأنها ترتكز في أساسها على قياس دقيق للوقت بين معايير مختلفة ومتداخلة على الطرقات.كما أن هناك دورا متوقعا لساعات بهذه الدقة في معالجة أسئلة الفيزياء الأساسية، مثل إذا ما كانت الثوابت الأساسية في الكون هي حقا «ثوابت» أم أنها تختلف مع الوقت، إلى جانب تحسين قياسات العلماء لشكل الأرض وتغيرات الجاذبية، وغيرها من التطبيقات الدقيقة.
copy short url   نسخ
05/08/2022
0